للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا، وعضت على العنّاب بالبرد (١)

عليه من الحسن والرونق ما لا خفاء به، وهو من باب الاستعارة.

فإذا أظهرنا المستعار له والأداة صرنا إلى كلام غث، وذاك أنا نقول:

فأمطرت دمعا كاللؤلؤ، من عينين كالنرجس، وسقت خدا كالورد، وعضت على أنامل مخضوبة كالعناب، بأسنان كالبرد.

وينتقل من ذلك إلى ذكر سبب تسمية الاستعارة، وبيان حقيقتها، وميزتها على التشبيه المضمر.

ثمّ يعود إلى التشبيه استيفاء للكلام عنه، فيقسم المضمر منه خمسة أقسام من حيث تقدير أداة التشبيه. فإذا ما فرغ من ذلك نراه يشير إلى تفرقة علماء البيان بين التشبيه والتمثيل، مع أنهما في رأيه شيء واحد، لا فرق بينهما في أصل الوضع، إذ يقال: شبهت هذا الشيء بهذا الشيء، كما يقال مثلته به.

وينتقل بعد ذلك إلى بيان فائدة التشبيه من الكلام مقررا أنّ من محاسنه مجيئه مصدريا، كقولنا: أقدم إقدام الأسد، وفاض فيض البحر، وكقول أبي نواس في وصف الخمر:

وإذا ما مزجوها ... وثبت وثب الجراد

وإذا ما شربوها ... أخذت أخذ الرقاد

أي وثبت كوثب الجراد، وأخذت بشاربيها كأخذ الرقاد.


(١) العناب بضم العين وتشديد النون: نوع من الثمر أحمر اللون. والبرد بفتح الباء والراء:
شيء أبيض ينزل من السحاب يشبه الحصى، ويسمى حب الغمام، وحب المزن، وتشبه به الأسنان عادة لشدة صفاء بياضه.

<<  <   >  >>