للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نهاية العالم. . . إذا فرضنا هذا فإننا نكون بذلك قد ظلمنا نبي الإسلام كل الظلم. . .

. . . فليس هناك من يحمل مفهومًا نافذًا عميقًا، بأن ضرورات هذا العالم الذي يسير قدمًا بظواهره الاجتماعية والخلقية الدائبة التغير، وباحتمال أن يكون الوحي الذي أنزل إليه لن يكون صالحًا لكل الظروف الممكنة أكثر مما يحمل محمد. . .

فالمعلم العظيم الذي كان يدرك ملابسات عصره كل الإدراك، وكذلك حاجات القوم الذي كان عليه أن يعمل بينهم، قد رأى ببصيرته النافذة وبعد نظره الثاقب -وربما أمكن القول أنه تنبأ- أن وقتًا سيأتي لابد أن يفرق فيه بين التنظيمات العارضة والمؤقتة، وبين التعليمات الدائمة والعامة (١).

وفي موضع آخر يقول: "إن ما يبدو على قواعد الإسلام من عنف وصرامة أم عدم قابلية للتكيف مع الأوضاع الحاضرة في الفكر هي التي تقصيه عن كونه دينًا عالميًا. . . ولكن شيئًا من التمحيص في قيمة الشرائع والمفاهيم التي جاء بها محمد وبعض الإنصاف في تحري الحقائق لابد أن يجلو الطبيعة المؤقتة لتلك القواعد ويجعلها تبدو منسجمة مع متطلبات الأزمنة الحاضرة. . ." (٢).

ولكن أين نضع الفاصل بين التشريعات المؤقتة والخاصة بظروف العرب والتشريعات الدائمة الثابتة؟ لعل الإجابة تبدو في هذه العبارة من كتابه: "إن الإسلام يتطلب من معتنقيه اعترافًا بسيطًا بحقيقة أزلية، ومزاولة بعض واجبات خلقية، أما في النواحي الأخرى فهو يمنحهم أوسع مجال لتحكيم العقل" (٣).

ولعلنا نجد مثالًا من التشريعات التي يرغب في تغييرها لأنها لم تعد تناسب العصر في رأيه في تعدد الزوجات وفي الرق إذ يأمل "أن يأتي الوقت القريب الذي يعلن فيه علماء الإسلام في مجمع علمي، أن تعدد الزوجات والرق منافيان تمامًا لأحكام الإسلام" وذلك لأن الظروف التي أباحت ذلك في العهود البدائية (Primitive) قد زالت (٤).


(١) "روح الإسلام" أمير علي (الترجمة العربية) ص ٢١٠، والطبعة الإنجليزية P.١٨٢.
(٢) المصدر نفسه بالعربية ص ٢٠٢، وبالإنجليزية P.١٧٥.
(٣) المصدر نفسه بالعربية ص ٣٢٧، وبالإنجليزية P.٢٣٧.
(٤) المصدر نفسه P.٢٣٢.