للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد عادت الحركة لاستعمال اللغة العبرية في الصلوات، وأعيد للصلوات كثير من الطقوس التي رفضت في القرن السابق، وأصبح يحتفل بكثير من الأعياد كالطريقة التقليدية، وعادت ليوم السبت حرمته وعادت لهجة الحديث عن كثير من المسائل أكثر اعتدالًا وأكثر اقترابًا من وجهة النظر التقليدية (١).

وليس هذا التراجع في الأفكار والمبادئ فقط بل إن فكر اليهودية المجددة يعتبر فكر أقلية والفرقة التقليدية (Orthodox) لا تزال تضم أغلبية اليهود في أمريكا (٢). وفي دولة اليهود التي أقاموها في فلسطين لا تعترف الدولة بفرقة اليهودية المتحررة وقد يكون ذلك بسبب العداء التاريخي بينها وبين الحركة الصهيونية، والمعابد الحرة القليلة التي أنشئت وسط معارضة كبيرة لا تجد تشجيعًا ولا دعمًا ماديًا من الدولة (٣). ورغم أن الإقبال على الدين نفسه ضعيف وسط اليهود في العالم، إلا أنه في محيط المتدينين القلة، لا يمكن الزعم أن حركة اليهودية الإصلاحية، بعد قرنين من الصراع، قد استطاعت أن تغير الصورة بالقدر الذي كانت تحلم به.

[التجديد العصراني للنصرانية]

وفي نفس الوقت الذي كانت تزدهر فيه تلك الحركة لتجديد اليهودية كانت النصرانية بشقيها الكاثوليكية والبروتستانتية تشهد تطورات مماثلة، تشترك في نفس الهدف وهو إيجاد التآلف بين إيمان الآباء وبين أفكار العالم الحديث. يقول أحد الكُتَّاب الغربيين ممن سجلوا هذه الظاهرة وهو جون راندال في كتابه "تكوين العقل الحديث":

". . . الذين دعوا أنفسهم بالمتدينين الأحرار في كل فرقة دينية، سواء بين البروتستانت أو اليهود أو حتى الكاثوليك قد ذهبوا إلى القول أنه إذا كان للدين أن يشكل حقيقة حية، وإذا كان له أن يظل تعبيرًا دائمًا عن الحاجات الدينية للجنس البشري، فلابد له أن يتمثل الحقيقة والمعرفة الجديدتين، وأن يتآلف مع الشروط المتغيرة في العصر الحديث من فكرية واجتماعية" ويقول هؤلاء إن تعديل


(١) Blau, p. ١٧٩, Martin, p.٤٢١.
(٢) انظر: المصدر نفسه P.٣٩٦.
(٣) blau, p ١٨١, Martin p.٢٥٩.