كانت الفصول الماضية عرضًا خالصًا للفكر العصراني منذ بداية ظهوره في النصف الثاني من القرن الماضي، وسردًا للآراء منسوبة لأصحابها. ونخصص هذا الفصل للتحليل، والنقد والتقويم، وبيان مواضع الصواب والخطأ.
ورغم اختلاف نظرة العصرانية التفصيلية لمسائل الدين بين دين ودين، وبين مفكر وآخر إلا أن التمعن وتدقيق النظر، يرجع أصول هذه الفكرة إلى مبادئ أساسية، هي التي توجه منهجها في التفكير ونظرتها إلى الأمور الجزئية. وهذه الأصول والمبادئ الأساسية هي التي سوف توضع في ميزان النقد أولًا، ثم تتبعها التفاصيل والفروع.
[فروض العصرانية الأساسية]
العصرانية في الدين -كما سبق تعريفها- هي أيّ وجهة نظر في الدين، ترى أن التقدم العلمي الحاضر والمعارف المعاصرة، تستلزم إعادة النظر في الفكر الديني القديم، وتأويل تعاليم الدين لتتلاءم مع معارف العصر السائدة وظروفه.