فإن علماء الإسلام قد خلفوا لنا تراثًا علميًا ضخمًا، متعدد المناحي، وما يزال معظم هذا التراث مخطوطًا لم ير النور، ولم يتعرف عليه الباحثون، رغم ما فيه من المعاني الدقيقة والأفكار العميقة التي تخدم واقعنا المعاصر وتنير السبل لأمتنا في مجالات الفكر والتشريع والثقافة، ويقدر بعض الخبراء أن ما بقي مخطوطًا من تراث علماء الإسلام يربو على ثلاثة ملايين عنوان، تقبع في زوايا المكتبات، وظلام الصناديق والأقبية، حتى إن بعضها لم يفهرس فهرسة دقيقة فضلًا عن النشر. فكان من المهم في هذه المرحلة أن تتجه الجهود لتقويم هذا التراث واستجلاء ما ينفع الناس منه في عصرنا، ثم العمل على تحقيقه ونشره.
وإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر -وقد وفقها الله لأن تضرب بسهم في إحياء هذا التراث- لتحمد الله -سبحانه وتعالى- على أن ما أصدرته من نفائس التراث قد نال الرضا والقبول من أهل العلم في مشارق الأرض ومغاربها.
والمتابع لحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة تراث الأمة منذ ما يزيد على ستة عقود، وقد جاء مشروع إحياء التراث الإسلامي الذي بدأته الوزارة منذ ست سنوات امتدادًا لتلك الجهود وسيرًا على تلك المحجة التي عُرفت بها دولة قطر.
ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسر الله -جلَّ وعلا- للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم في فنون مختلفة تُطبع لأول مرة، ففي تفسير