وبعد هذه الدعوة الحارة للبحث عن (لوثر) ينسف أبواب الاجتهاد، ويغير أحكام المرأة والحدود والربا، من أجل التوافق مع الغرب، ينهي الكاتب مقاله بأن أمل الغرب الوحيد هو من خلال مثل هذا "الفاتح المنتظر لأبواب الاجتهاد" فيقول:
"إن الإسلام المتشدد لا يمكن أو سوف لن يكون مفهومًا ومقبولًا لدى الغرب. . . ومع ذلك فإنه لا فائدة في محاولات الغرب التوافق مع أولئك المسلمين الذين ينتقصون من قدر الإسلام، أو مع أولئك الذين يريدون رؤيته وقد تجاوزه الزمن على أسس غربية، فالتقليد لم يكن أبدًا أفضل شكل للإطراء، ولذلك فإن الطريق كما يبدو ستكون من خلال "أبواب الاجتهاد".
[أمريكا وتجديد الإسلام]
تسعى أمريكا للتأثير على العالم الإسلامي بطرق عديدة، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام (٢٠٠١ م) التخريبية، التي دمرت فيها مبان في مدينتي نيويورك وواشنطن وقتل فيها المئات، والتي اتهم المسلمون بتدبيرها وتنفيذها. ولقد نشرت مؤسسة رند الأمريكية للبحوث في عام (٢٠٠٣ م) تقريرًا هامًا (١) عن كيف يمكن لأمريكا أن تحقق عالمًا إسلاميًا يتلاءم مع مصالحها؟ وهذا ملخص موجز لأهم نقاط هذا التقرير الخطير الذي صدر من مؤسسة لها أثرها في تخطيط سياسة أمريكا.
يبدأ التقرير بتحليل أوضاع العالم الإسلامي الحاضرة، فيذكر أنه يعاني من اضطراب وصراع خطير بين تيارات كثيرة تحاول أن تخرجه من أزمته الحالية المتمثلة في تخلفه الحضاري المريع. ويحث التقرير الغرب على ألا يقف مكتوف اليد من هذا الصراع، بل لابد له من أن يتدخل ويبحث عن شركاء من المسلمين، من أجل صياغة "إسلام" يتلاءم مع الحضارة الغربية، ويمنع التطرف والإرهاب وتهديد مصالح الغرب. ويعترف التقرير بأن إدخال التعديل على ديانة عالمية ضخمة ليس بالأمر السهل، بل هو محفوف بالكثير من التعقيدات
(١) عنوان التقرير (إسلام حضاري ديمقراطي: شركاء وموارد واستراتيجيات)، شيريل بينارد، مؤسسة رند، ٢٠٠٣ م.