للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن الربا يقول أن تعريفه لم يزل أمرًا مشكلًا للفقهاء، وأنهم عرَّفوه بحسب الظروف الاقتصادية السائدة في عصورهم، وأنه بالنظر إلى الاقتصاد السائد عند العرب عند نزول تحريم الربا يمكن تعريفه في ضوء ذلك عمومًا بأنه الفائدة التي تجنى من الدين استغلالًا لحاجة الفقير المحتاج، من غني قادر، وأنه بالنظر إليه من خلال ذلك يبدو أن مسألة تحديد المعاملات التي يمكن أن تعتبر داخلة تحت الربا هي مسألة أخلاقية في المقام الأول، وتعتمد أساسًا على الدوافع والبواعث التي تقوم عليها العلاقة الاجتماعية والاقتصادية بين الدائن والمدين، وإلى أي مدى يتحملان معًا الربح والخسارة. وذلك كما هو واضح يتغير تبعًا لتغير النمو الاقتصادي والاجتماعي والتقني، وعلى هذا فإن كل جيل من المسلمين هو الذي يضع بحسب ظروف عصره المعنى الجديد للربا والدوائر التي يشملها (١).

وتكفي هذه الأمثلة لبيان اتجاهات محمد أسد العصرانية وننتقل منه إلى كاتب آخر.

[العصرانية وتطوير الدين]

من الإنتاج الهام لمدرسة العصرانيين كتاب بعنوان: "الفكر الإسلامي والتطور" والكتاب كما يقول عنه صاحبه: "محاولة لمناقشة قابلية الإسلام في أصوله للتطور ولرصيد المسلمين التاريخي في التطور وللواقع المعاصر واحتياجنا للوعي بحقيقة التطور عندنا وعند غيرنا" (٢).

ولم تكن هذه المحاولة الوحيدة لمناقشة قضية التطور وعلاقتها بالتجديد وبالدين، فقد كانت القضية مثار نقاش وندوات عامة ومقالات في الصحف في مصر قبل قرابة القرن (٣). وأمين الخولي في كتابه "المجددون" يقول: "إننا ننتهي باطمئنان إلى أن التجديد الديني إنما هو تطور والتطور الديني هو نهاية التجديد الحق" (٤). ولا غرابة -كما يقول- في المطالبة بالتطور في المجال الديني؛ لأن


(١) "التفسير الكبير" للرازي. P.٦٢٣.
(٢) " الفكر الإسلامي والتطور" محمد فتحي عثمان، ص ٧٥، الطبعة الثانية.
(٣) "المجددون" أمين الخولي.
(٤) المصدر نفسه ص ٥٨.