للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وهكذا نرى أن قصة هبوط آدم كما جاءت في القرآن لا صلة لها بظهور الإنسان الأول على هذا الكوكب، وإنما أريد بها بالأحرى بيان ارتقاء الإنسان من الشهوة الغريزية إلى الشعور بأن له نفسًا حرة قادرة على الشك والعصيان" (١).

ويقول عن الجنة والنار:

"أما الجنة والنار فهما حالتان لا مكانان، ووصفهما في القرآن تصوير حسي لأمر نفساني؛ أي: لصفة أو حال" (٢).

أما المثال الثاني للنزعة العصرانية عند إقبال فتظهر واضحة في الفصل الذي كتبه عن الاجتهاد وسماه "مبدأ الحركة في الإسلام" (٣)، ويقصد أن المبدأ الذي يواجه به الإسلام التغير والحركة هو الاجتهاد. ويعرف إقبال الاجتهاد ثم يقول: "وأصل الاجتهاد على ما أعتقد هو قول القرآن في آية مشهورة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩]، وهذا الاستدلال يكشف أن إقبال، لم يكن -آنذاك على الأقل- عميق المعرفة بالثقافة الإسلامية" (٤).

ويطرح إقبال في ذلك الفصل هذا السؤال الذي هو شغل العصرانية الشاغل ". . . وانتقل الآن إلى النظر فيما إذا كان تاريخ الشريعة الإسلامية وبناؤها يتبين فيهما إمكان تفسير الشريعة ومبادئها تفسيرًا جديدًا، وبعبارة أخرى الموضوع الذي أود أن أثير البحث فيه هل شريعة الإسلام قابلة للتطور؟ ".

وعنده أن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى جهد عقلي عظيم، ويرى أن العالم الإسلامي عليه أن يواجه هذا السؤال بالروح التي كان يواجه بها عمر مشكلات الدين، ويصفه بأنه أول عقل ممحص مستقل في الإسلام. ولا ريب عنده أن التعمق في دراسة كتب الفقه والتشريع الهائلة العدد، لابد من أن تجعل الناقد بمنجاة من الرأي السطحي الذي يقول بأن شريعة الإسلام شريعة جامدة غير قابلة للتطور. ثم يناقش تجديد أصول الفقه الإسلامي من أجل أن يتبخر الجمود المزعوم ويبدو للعيان إمكان حدوث تطور جديد.


(١) "تجديد التفكير الديني" ص ٩٩، والطبعة الإنجليزية. P.٨٥
(٢) المصدر نفسه ص ١٤١، والإنجليزية P.١٣٢.
(٣) الصفحات ١٦٨ - ٢٠٨، والطبعة الإنجليزية P.١٨٠ - ١٨٦.
(٤) انظر: "الفكر الإسلامي الحديث" محمد البهي ص ٤٨٣.