للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسوق قسرًا إلى الاضطراب السلوكي والجموح العملي. . . فهؤلاء ينبغي معالجتهم بروادع علاجية.

والذي يهمني من هذا كله اعتماد "التعزير" الخاضع لتقدير القاضي، وحصر النظر فيه وحده وأنه لا قطع ولا جلد ولا حد إلا بعد استتابة ونكول وإصرار معاود للمعصية" (١).

أما الرجم فلا يقول به مطلقًا: "لأن ما شاع وذاع من قول بالرجم يعتمد على طائفة من الأحاديث لم ترتفع عن درجة الحسن"، وهذه الأحاديث في نظره مخالِفةٌ مخالَفةً صريحةً للقرآن، ولو كان عقاب المحصنة من الحرائر الرجم حتى الموت كان أحرى أن ينص عليه تعيينًا لهوله، وادعاء النسخ بالحديث قلب لمقاييس الاستدلال (٢).

وفي غير قضايا الحدود له آراء في فقه المرأة، وبخاصة في مسألة زواج المسلمة من الكتابي، وهو يرى أن مثل هذا الزواج حلال، اعتمادًا على الآية {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥]. . . وفي ظنه أن الاقتصار على ذكر حل الزواج بين مسلم وكتابية شأن النظم القرآني كله، خرج مخرج الاكتفاء، وأن الآية كما هي صريحة في النص على تبادل حلية الطعام، هي صريحة في تبادل حلية الزوجية؛ أي: نساؤهم حل لنا ونساؤنا حل لهم.

ويرى أن الفقهاء وإن درجوا إجماعًا على القول بعدم حل مثل هذا الزواج، إلا أن إجماعهم في نظره متأخر، ولا يقوم على دليل قطعي. ويقول عن قوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: ٢٢١]، إن التعبير بكلمة {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)} [البقرة: ٢٢١] يجعلها خاصة المورد؛ أي: المشركين فقط، لا كل مخالف في الدين والتعبير بكلمة {خَيْرٌ} مفادها التفضيل لا الحكم.


(١) "أين الخطأ" العلايلي ص ٧٣ - ٨٤.
(٢) ص ٨٦.