للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاطئ لأن الزمن تجاوزه، وأن التفكير العلمي والتاريخ الحديث لم يؤثر قط في قيمته كوحي كامل ونهائي لقضايا الكون، وإلا انهدم القول بأنه كلام الله الحرفي. وهكذا كانت الحاجة ماسة لإعادة تفسير القرآن، بما يعتبر من صميم التفكير العلمي المعاصر، مثل تفسير "الطير الأبابيل" بمعنى جراثيم. (ورغم أن جب يرى أن مثل هذا التفسير مدعاة للسخرية)، إلا أنه يعتقد أن ما هو أهم من محتواه أنه "قد طرح منهج التفسير القديم جانبًا" (١).

ويقارن المؤلف بين حركتي التجديد في مصر والهند، فيرى أن اتجاهات التفكير في الهند ذهبت أبعد مما يشاهد في الشرق الأدنى، وأن من أسباب ذلك أن التعليم على النمط الأوروبي دخل الهند قبل أن يعرفه الشرق الأدنى، وانتشر أكثر، كما أن وضع الهند المستقل والحرية التي ينعم بها المسلمون، تجعلهم يعبرون عن آرائهم بمنأى عن سلطة دينية رسمية (كالأزهر في مصر) تراقبهم وتقمعهم (٢). ويصف مدرسة سيد خان في استخدامها مبدأ الملاءمة مع الطبيعة Conformity to nature، ورفض مبدأ المعجزات، بأنه اتجاه (عقلاني) ولكنها بلغت في أقصى تطرفها تحت ستار العلوم الطبيعية حدود المبالغات والأوهام (٣). ولعل إقبال في رأي المؤلف يشكل أهم صورة للطائفة الإسلامية الحديثة في الهند، لكنه من الناحية الفكرية الصورة المخيبة للآمال نظرًا لمتناقضاته (٤). ولكن الهند في رأي المؤلف أنجبت طائفة واحدة جديدة ناجحة هي حركة الأحمدية (القاديانية)، التي اتخذت شكل إصلاح تحرري سلمي، وهي تفتح الطريق لبداية جديدة لأولئك الذين فقدوا إيمانهم بالإسلام القديم (٥).

وينتقد جب كتابات العصرانيين فيقول: إنه مهما كان تعاطفه مع أهداف (المصلحين) وجهودهم المبذولة للخلاص من وطأة الماضي، إلا أنه يرى أن أغلب كتاباتهم "تثير الدهشة وتصدمنا بطريقتها في المناقشة وبحث الحقائق، إننا نحس بخطأ ما فيها، ولو من عدم التوافق، كأن المؤلف إما عاجز عن التصرف


(١) المصدر نفسه ص ١٠٣ (P.٧٢).
(٢) المصدر نفسه ص ٨٣ (P.٥٦).
(٣) المصدر نفسه ص ٨٧ (P.٥٨).
(٤) المصدر نفسه ص ٨٨ (P.٥٩).
(٥) نفسه ص ٩٠ (P.٦١).