للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشهورًا في ذلك العصر (١).

وقد صح أيضًا أن حديث التجديد قد ذكر في مجلس أبي العباس ابن سريج من فقهاء الشافعية في القرن الثالث الهجري، فقام شيخ من أهل العلم من الحاضرين وأنشد بعض الأبيات، تضمنت أسماء مجددي القرن الأول والثاني والثالث. وتنشد هذه الأبيات نفسها في مجلس أبي عبد الله الحاكم (ت ٤٠٥ هـ) وتضاف إليها أبيات أخرى تتضمن اسم مجدد القرن الرابع، ويجعل السبكي ذلك كله مطلعًا لقصيدة له من عشرين بيتًا نظم فيها أسماء المجددين (٢).

ولعل ذلك ما حدا بالسيوطي لأن يؤلف أرجوزة صغيرة من ثمانية وعشرين بيتًا أسماها "تحفة المهتدين بأخبار المجددين" (٣).

وهكذا وبالرغم من أن السلف قد تحدثوا قليلًا عن التجديد، إلا أننا نجد آراء لهم تمثل أغلب العصور الإسلامية، حتى أنه ليمكن القول إن هذه المسألة كانت في كل قرن من المسائل العلمية التي يدور عنها الحديث في مجالس العلماء، وأنها كانت أحد موضوعات بحثهم وكانوا يتداولون فيما بينهم الآراء عنها. وبمراجعة الأسماء التي ورد ذكرها فيما سبق ممن لهم آثار في هذا الموضوع، وأكثرهم من الأقلام المشهورة، يظهر كيف أنه لم يخل عصر ممن تناول هذه المسألة.

تعريف التجديد:

لا يمكن أن أسمي ما تجمَّع عندي من أقوال السلف عن معنى التجديد تعريفًا محددًا بالمعنى الاصطلاحي لكلمة تعريف. وإن كان هذا لا ينبغي أن يقلل من شأن النقول التي سيأتي ذكرها، والتي تلقي أضواء على تصورهم لماهية التجديد، كما هي عادتهم في كثير من المسائل، وإذا كان لهذه الظاهرة من تفسير


(١) هذا كلام ابن حجر ويزيد على ذلك قوله: "وفي ذلك تقوية للسند المذكور مع أنه قوي لثقة رجاله". وانظر: "ابن حجر" توالي التأسيس ص ٤٨، والسبكي، "طبقات الشافعية الكبرى" ١/ ١٩٩.
(٢) انظر: السبكي "طبقات الشافعية " ١/ ٢٠١، ٢٠٣.
(٣) انظر: المناوي "فيض القدير" ٢/ ٢٨٢؛ والمحبي "خلاصة الأثر" ٣/ ٣٤٤؛ وشمس الحق آبادي "عون المعبود" ١١/ ٣٩٤.