للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه النصوص تبين أهمية التعليم في مفهوم تجديد الدين، فكأن التجديد هو تبيين الدين وتعليمه. ولفظ التعليم لفظ عام مثل الإعادة، وينبغي النظر إليه على ضوء التفصيلات الأخرى.

التجديد والاجتهاد:

أشار السلف إلى مجال آخر من مجالات تجديد الدين، وهو وضع الحلول الإسلامية للمشاكل التي تطرأ في حياة البشر، ذلك أن الحياة مليئة بالمتغيرات، وظواهر النصوص لا تفي ببيان كل الأحكام لكل الأمور. ففي كل عصر توجد حوادث طارئة تستدعي أن يشرع لها حكم، بل إن كثيرًا من نصوص القرآن والسُّنَّة قد جاءت استجابة للحاجات التي ظهرت في العهد النبوي كما هو معروف في تاريخ القرآن وتاريخ السُّنَّة. وفي كل عصر توجد دائرة من دوائر حياة الناس المتقلبة المتطورة، تحتاج إلى العقل المسلم الذي يرد هذه الدائرة إلى الدين، وهذا هو ما يسمى بالاجتهاد. فبالاجتهاد تتسع دائرة أحكام الدين لتشمل مساحات أكبر بحسب اتساع الحياة وتطورها. فهذا الاجتهاد يدخل في معنى تجديد الدين بل إن بعض السلف رأى أن الحاجة للتجديد تنبع من هذه الناحية وهذه هي عبارته:

يقول: "وذلك لأنه سبحانه لما جعل المصطفى خاتم الأنبياء والرسل وكانت حوادث الأيام خارجة عن التعداد، ومعرفة أحكام الدين لازمة إلى يوم التناد، ولم تف ظواهر النصوص ببيانها بل لابد من طريق واف بشأنها، اقتضت حكمة الملك العلَّام ظهور قوم من الأعلام في غرة كل غرة، ليقوم بأعباء الحوادث، إجراء لهذه الأمة مع علمائهم مجرى بني إسرائيل مع أنبيائهم" (١).

وجاء في وصف المجدد أن يكون "مجتهدًا، قائمًا بالحجة، ناصرًا للسُّنَّة، له ملكة رد المتشابهات إلى المحكمات، وقوة استنباط الحقائق والدقائق النظريات، من نصوص الفرقان وإشاراته ودلالاته واقتضاءاته، من قلب حاضر وفؤاد يقظان" (٢).


(١) "فيض القدير" المناوي ١/ ١٠.
(٢) المصدر نفسه ١/ ١٠.