غيره. والابتداع أيضًا مزلق من المزالق الخفية تحيط به المشتبهات التي قلَّ أن يتفطن إلى ما فيها من الباطل، ولهذا فإنه ينخدع به كثير من الناس ويحسبونه من الدين.
وقد يكون في هذا بعض ما يلمح إلى الفرق بين التجديد والابتداع. وإلى هنا يكون قد تبين لنا مجمل تصور السلف إلى التجديد، ويمكن إجمال عناصر هذا التصور على النحو التالي:
١ - إن تجديد الدين هو السعي لإحيائه، وبعثه، وإعادته إلى ما كان عليه في عهد السلف الأول.
٢ - ومن ضرورات التجديد حفظ نصوص الدين الأصلية صحيحة نقية حسب الضوابط والمعايير التي وضعت لذلك.
٣ - ومن مستلزمات التجديد سلوك المناهج السليمة لفهم نصوص الدين وتلقي معانيها من الشروح التي قدمتها لها المدرسة الفكرية السُّنِّية.
٤ - وغاية التجديد جعل أحكام الدين نافذة مهيمنة على أوجه الحياة والمسارعة لرأب الصدع في العمل بها، وإعادة ما ينقض من عراها.
٥ - ومن توابع ذلك الاجتهاد، وهو وضع الحلول الإسلامية لكل طارئ، وتشريع الأحكام لكل حادث، وتوسيع دائرة أحكام الدين لتشمل ما كان نافعًا متفقًا مع اتجاهات الدين ومقاصده وكلياته.
٦ - ومن خصائص التجديد تمييز ما هو من الدين وما يلتبس به، وتنقية الدين من الانحرافات والبدع، سواء كانت هذه الانحرافات ناتجة من عوامل داخلية في المجتمع المسلم أو كانت بتأثيرات خارجية.
وهذا بشكل عام ما يمكن اعتباره فكرة السلف عن معنى التجديد، وهو في مجمله سعي للتقريب بين واقع المجتمع المسلم في كل عصر، وبين النموذج المثالي للدين الذي كان في العهد النبوي وعهد الصحابة، ومن الممكن صياغة تعريف للتجديد من هذه التصورات السابقة كالآتي:
"تجديد الدين هو إحياؤه وبعث معالمه العلمية والعملية، التي أبانتها نصوص الكتاب والسُّنَّة وفهم السلف".