للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لإعادة الخلافة الراشدة. والخلافة هي عنوان نظام الحكم الإسلامي، وأسس هذا النظام قد جاء بيانها في الكتاب والسُّنة وآراء الفقهاء، وقد تناولتها أقلام كثيرة بالتوضيح والتفصيل، وحتى يكون في مقدورنا أن نفهم جهود المجددين لإعادة هذا النوع من أنواع الحكم، فلابد من أن نلم بطرف من المبادئ الأساسية التي يشيد عليها بناء الخلافة الراشدة. وفيما يلي أربعة من أهم هذه المبادئ:

خصائص الخلافة الراشدة (١):

هذه الخصائص مأخوذة من قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)} [النساء: ٥٨] وقوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج: ٤١].

وهذه الخصائص هي:

أولًا: الشورى، وهذا المبدأ يدخل في طريقة اختيار الخليفة، كما يشمل طريقة تسيير دفة الحكم، ويتضمن بالضرورة الحق في إبداء الرأي وتوجيه النقد النزيه الذي غايته إظهار الحق.

ثانيًا: الأمانة، وتنفيذ هذا المبدأ، يعني: اختيار الأصلح لمناصب الدولة ممن تتوفر فيهم الكفاءة وحسن السيرة، دون محاباة أو عصبية، كما يعني هذا المبدأ حسن التصرف في المال العام والتزام الشرعية في جمعه من موارده وإنفاقه في مصارفه.

ثالثًا: العدل في الحكم، ومن لوازمه: الحكم بما أنزل الله تعالى دون تأويل أو تحريف أو تجزئة، والمساواة بين الناس من غير أن تكون لأي فئة دائرة من الحصانة والامتيازات.

رابعًا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا مبدأ جامع، ومن


(١) راجع: "السياسة الشرعية" لابن تيمية وبخاصة الصفحات ٥، ٦، ٣١، ٦٣، ٧٥، ١١٧، ١٣٠، ١٥٧، و"الخلافة والملك" للمودودي وبخاصة الصفحات ٤٩ - ٥٨.