للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخامس: أنه قال: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)﴾، فأخبر سبحانه أن هذا السلام عليه في العالمين، ومعلوم أن هذا السلام فيهم؛ هو سلامُ العالمين عليه، كلهم يسلم عليه، ويثني عليه (١)، ويدعو له، فذكره بالسلام عليه فيهم، وأما سلام الله سبحانه عليه فليس مقيدًا بهم، ولهذا لا يشرع أن يسأل الله تعالى مثل ذلك، فلا يقال: السلام على رسول الله في العالمين، ولا اللهم سلم على رسولك في العالمين، ولو كان هذا هو سلام الله؛ لشرع أن يطلب من الله على الوجه الذي سلم به (٢).

وأما قولهم: إن الله سَلَّم عليه في العالمين، وترك عليه في الآخرين. فالله أبقى على أنبيائه ورسله سلامًا وثناءً حسنًا فيمن تأخَّر بعدهم جزاءً على صبرهم، وتبليغهم رسالات ربهم، واحتمالهم للأذى من أُمَمِهم في الله، وأخبر أن هذا المتروك على نوح هو عامٌّ في العالمين، وأن هذه التَّحِيَّة ثابتة فيهم جميعًا، لا يخلون منها، فأدامها عليه في الملائكة والثَّقَلين، طَبَقًا بعد طَبَق، وعالَمًا بعد عالَم، مجازاة لنوح بصبره، وقيامه بحق ربه، وبأنه أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وكل المرسلين بعده بعثوا بدينه، كما قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى: ١٣].

وقولهم: إن هذا قول ابن عباس. فقد تقدم أن ابن


(١) ليس في (ب، ش) قوله (ويثني عليه).
(٢) ليس في (ب) (به).

<<  <  ج: ص:  >  >>