وزعمت أنت أن الوجه غير الرأس، وأن الله، تبارك وتعالى، فرّق بينهما فأمر بغسل الوجه، وأمر بمسح الرأس. وأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمن مات محرما أن يكشف عن رأسه ووجهه، فرددت بهذا قول مالك، رضي الله عنه، في حديثك عن عثمان، في كتاب ردك على مالك ثم نقضت قولك هذا كله، وقلت في كتاب الديات والقصاص، في باب ما لا يجب فيه أرش من كتبك: إن خراج البدن مخالف لخراج الرأس، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قضى في الموضحة بخمس من الابل، ثم قلت والذي يحفظ عمن لقيت أن الموضحة في الوجه والرأس، وأن الرأس والوجه رأس كله، لأنه إذا قطع قطعا معا، وإن كان يتفرقان في الوضوء فالرأس إذا ذهب ذهب الوجه، فمرة احتججت بكتاب الله تبارك وتعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في التفريق بين الوجه والرأس؛ ومرة خالفت ما رويت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فزعمت أن الرأس والوجه رأس كله، بعد أن زعمت أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرّق بينهما فأمرت بمن مات محرما ان يكشف عن رأسه دون وجهه. وإن الله تبارك وتعالى، فرق بينهما في كتابه، فأمر بغسل الوجه [١٤ ظ] ومسح الرأس.
وأما مالك، رضي الله عنه، فلم يختلف قوله، ولم يخالف ما روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.