الموكل ولا يتعلق به شيء من حقوق العقد، فمباشرة الوكيل له كمباشرته بنفسه في حق الحنث بخلاف البيع، فإنه إذا حلت لا يشتري شيئاً بالكوفة فاشترى له وكيله لا يحنث، لأن الوكيل بالشرى بمنزلة العاقد لنفسه حتى يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل، ويتعلق حقوق العقد به.
ثم الحيلة في مسألة النكاح أن توكل المرأة وكيلاً يزوجها منه، ثم يخرج الوكيل والزوج إلى الحيرة أو غيرها بعد أن يخرجا من أبيات الكوفة ثم يزوجها منه، فلا يحنث لأنه لم يتزوجها بالكوفة، ألا ترى أن المقيم بالكوفة إذا خرج من أبيات الكوفة على قصد السفر كان مسافراً يقصر الصلاة، فعرفنا أن التزوج في هذا الموضع لا يكون تزوجاً بالكوفة، وإنما ذكر توكيلها لئلا تبتلي بالخروج مع غير المحرم إلى ذلك الموضع.
رجل قال لعبده قد أذنت لك أن تتزوج كل أمة تشتريها فاشترى العبد أمة فتزوجها ببينة فهو جائز، لأن ما اشتراها صارت مملوكة للمولى وقد أقامه المولى مقام نفسه في ذلك، ولو زوج بنفسه أمته بمحضر من الشهود جاز، فكذلك العبد إذا فعل ذلك.
وقال أبو حنيفة، رحمه الله، في رجل له جارية تخرج في حوائجه وهو يطؤها فحبلت وولدت وسعه أن لا يدعيه وأن يبيعه معها، وإن كان لا يدعها تخرج لم يسعه ذلك، وإن كان يعزل ولا يطلب ولدها لم يسعه ذلك إذا حبسها ومنعها من الخروج، وهذا فيما بينه وبين ربه، فأما في الحكم فلا يلزمه النسب إلا بالدعوة، إلا أنه إذا حصَّنها فالظاهر أن الولد منه سواء كان يعزل عنها أو لا يعزل، فعليه الأخذ بالاحتياط والبناء على الظاهر.
وذكر عن علي رضي الله عنه أن رجلاً أتاه فقال إن لي جارية أطؤها وأعزل عنها فجاءت بولد فقال علي رضي الله عنه نشدتك الله هل كنت تعود في جماعها قبل أن تبول؟ قال نعم، فمنعه من أن ينفيه.
فهو عندنا على التي قد حصنت، ومعنى هذا أنه يتوهم بقاء بعض المنى