الثوب والطعام بل أذى لحقه من جهة فلان، وبذلك المعنى إنما يمتنع من إيجاد الفعل فيه لكونه مضافاً إلى فلان وقت إيجاد الفعل لا وقت اليمين، وفرق أبو يوسف، رحمه الله، بين هذا وبين الدار وقال: الدار لا يستحدث الملك فيها في كل وقت، فلا يتناول يمينه إلا ما كان موجوداً في ملك فلان عند يمينه، فأما الثوب والطعام فيستحدث الملك فيه في كل وقت، فإنما يتناول يمينه ما كان في ملك فلان عند وجود الفعل.
ولو حلف لا يكسو فلاناً فوهب له ثوباً صحيحاً وأمره أن يصنع منه قميصاً حنث، لأنه قد كساه، فهذا اللفظ إنما يتناول تمليك الثوب منه لا إلباس الثوب إياه، ألا ترى أن كفارة اليمين تتأدى بكسوة عشرة مساكين، وذلك بالتمليك دون الإلباس، ويقال في العادة كسا الأمير فلاناً إذا ملَّكه سواء لبسه فلان أو لم يلبسه، فقد يطلق اسم الكسوة على ما لا يتأتى فيه اللبس، فعرفنا أن المراد به التمليك.
ولو حلف لا يلبس قميصاً لفلان فلبس قميصاً لعبده لم يحنث في قول أبي حنيفة، رحمه الله، وقال أبو يوسف رحمه الله: يحنث، قال الحاكم، رحمه الله: وهذا خلاف ما مضى في كتاب الأيمان أن على قول أبي حنيفة وأبي يوسف، رحمهما الله، إذا لم يكن على العبد دين لم يحنث إلا أن ينويه، وعلى قول محمد يحنث، قال ولكن عندي أن الجواب الذي ذكر في الكتاب فيما إذا كان على العبد دين مستغرق ونواه فإنه لا يحنث عند أبي حنيفة لأنه لا يملك كسبه، وعند أبي يوسف يحنث، لأنه مالك كسبه، فأما عند عدم النية أو عند عدمن الدين على العبد فلا خلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف أنه لا يحنث.
وإن حلف لا يكسو فلاناً فكسا عبده لا يحنث، لأنه ما ملك الثوب فلاناً إنما ملكه عبده، لأن الملك يقع للمولى على سبيل الخلافة من عبده حكماً وذلك ليس بشرط حنثه، ثم هذا على قول أبي حنيفة، رحمه الله ظاهر، فإنه