مؤاخذاً بإقراره، ولكن هذا كذب لا رخصة فيه، فالأحوط أن يأخذ الزوج الدار منها بغير رضاها على طريق الاستيلاء ليصير به ضامناً رد الدار عليها في المدة، وعلى مالك الدار بعد مضي المدة، ويقر بذلك بين يدي الشهود فيكون لرب الدار أن يطالبه بتسليم الدار إليه بعد انتهاء المدة.
وفيه وجه آخر وهو أن يؤاجر الدار من المستأجر ثم إن المستأجر يوكل رب الدار في الخصومة مع أهله لاسترداد الدار منهم على أنه كلما عزله فهو وكيل به، فإذا غاب المستأجر كان له أن يطالب أهل المستأجر برد الدار عليه بحكم وكالة المستأجر في وقته، وإن كان المستأجر غير مليء بالأجر فينبغي للآجر أن يأخذ منه كفيلاً بأجر الدار ما سكنها أبداً ويسمى أجر كل شهر للضامن، فتكون هذه كفالة بمال معلوم، وهو مضاف إلى سبب الوجوب فيكون صحيحاً ويأخذ الكفيل بها إذا تعذر استيفاؤها من المستأجر للإفلاس، ودين الأجرة كسائر الديون، فكما أن طريق التوثق في سائر الديون الكفالة فكذلك في الأجرة.
رجل استأجر داراً لا بناء فيها فأذن له رب الدار أن يبنيها ويحسب له رب الدار ما أنفق في البناء من الأجر ما بينه وبين كذا وكذا درهماً فهو جائز.
قيل: هذا الجواب بناء على قولهما، فأما عند أبي حنيفة رحمه الله فلا يجوز، لأن الأجر دين على المستأجر، فإنما أمره أن يشتري له الآلات بالدين الذي له عليه، وأبو حنيفة رحمه الله لا يجوِّز هذه الوكالة على ما قال في البيوع إذا قال صاحب الدين للمديون أسلم ما لي عليك في الطعام أو اشتر بما لي عليك عبداً.
والأصح أن هذا قولهم جميعاً لأنه أمره بالصرف إلى محل معلوم وهو بناء الدار وهو نظير ما قال في الإجارات إذا أمر صاحب الحمام المستأجر بمرمة الحمام ببعض الأجرة أو استأجر دابة وغلاماً إلى مكان معلوم وأمره بأن ينفق بعض الأجرة في علف الدابة ونفقة الغلام فإن ذلك جائز فهذا مثله.