وإن اختلفا في مقدار ما أنفق فالقول قول رب الدار، لأن المستأجر يدعي صرف الزيادة إلى البناء فيما أنفق ورب الدار ينكر، فالقول قوله مع يمينه، ألا ترى أنه لو ادعى تسليم ذلك إلى رب الدار وأنكره رب الدار كان القول قوله، وكذلك إن كان رب الدار أشهد أن المستأجر مصدق على ما يقول أنه أنفقه فليس ذلك بشيء والقول قول رب الدار، لأنه أشهد على ما هو مخالف لحكم الشرع، فإن الأجر دين مضمون له في ذمة المستأجر، وإنما يقبل قول الأمين في الشرع ولا يقبل قول الضامن، فإذا أشهد على تصديق الضامن كان الإشهاد باطلاً، والقول قول رب الدار، ألا ترى أنه لو أشهد عند الإجارة أن المستأجر مصدق فيما يدعي إنفاقه من الأجرة لم يصدق في ذلك، وكذلك لو جحد أن يكون بنى فيها وقال دفعتها إليه وهذا البناء فيها فالقول قوله، لأنه منكر استيفاء شيء من الأجر، والبناء تبع للأصل، فاتفاقهما على أن الأصل ملك له لا من جهة المستأجر يكون دليلاً على أن البناء له لا من جهة المستأجر أيضاً، فإذا ادعى المستأجر أنه هو الذي بنى هذا البناء كان عليه أن يثبت ما ادعاه بالبينة، فإن أراد المستأجر أن يصدق في النفقة عجل له من الأجر بقدر النفقة وأشهد عليه بقبضه ثم يدفعه رب الدار إليه ويوكله بالنفقة على داره، فيكون القول قول المستأجر حينئذٍ في نفقة مثله، وفي الهلاك إذا ادعاه لأن بالتعجيل ملك الأجر المقبوض وبرئت ذمة المستأجر عنه، ثم إذا رده عليه لينفقه في داره كان أميناً في ذلك والقول قول الأمين في المحتمل مع اليمين كالمودع عنده يدعي رد الوديعة أو هلاكها، ألا ترى أنه إنما يصدق في نفقة مثله لأن الظاهر يكذبه في ذلك المقدار، وفيما زاد على ذلك يكذبه فلا يُقبل قوله إلا بحجة، كالوصي يدعي الإنفاق على اليتيم من ماله يصدق في نفقة مثله ولا في الزيادة على ذلك.
وإذا خاف رب الدار أن يتعبه المستأجر في رد الدار بعد مضي مدة الإجارة آجرها منه سنة من يومه على أن أجرها كل يوم بعد مضي السنة دينار فيجوز