العقد على هذا الوجه، لأن العقد بعد مضي السنة يكون مضافاً إلى وقت في المستقبل وإضافة الإجارة إلى وقت في المستقبل صحيح، فبعد مضي السنة لا يمتنع المستأجر من رده الدار مخافة أن يلزمه كل يوم دينار، فإن قال المستأجر أنا لا آمن أن يغيب رب الدار بعد مضي السنة فلا يمكنني أن أردها عليه ويلزمني كل يوم دينار فالحيلة في ذلك أن يجعلا بينهما عدلاً ويستأجر المستأجر الدار من العدل بهذا الصفة، حتى إذا مضت السنة وتغيَّب رب الدار يتمكن المستأجر من ردها على العدل فلا يلزمه الدينار باعتبار كل يوم بعد ذلك، وعلى هذا لو استأجر داراً كل شهر بكذا فلزوم العقد يكون في شهر واحد، فإذا تم الشهر فلكل واحد منهما أن يفسخ العقد في الليلة التي يهل فيها الهلال، وعلى إحدى الروايتين في تلك الليلة ويومها لأن رأس الشهر الداخل الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها ويمضيه قبل الفسخ ليلزم العقد في الشهر الداخل؛ فإذا خاف المستأجر أن يتغيب الآخر في الليلة التي يهل فيها الهلال فالحيلة أن يجعلا بينهما عدلاً حتى يتمكن من فسخ الإجارة مع العدل عند رأس الشهر.
ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول إذا رأى الآجر في وسط الشهر ومن عزمه الفسخ عند مضي الشهر ينبغي أن يقول له إذا جاء رأس الشهر فقد فسخت العقد بيني وبينك، وهذا فاسد لأنه تعليق الفسخ بالشرط وذلك لا يجوز، ولكن ينبغي أن يقول له فسخت الإجارة بيني وبينك رأس الشهر، فتكون هذه إضافة الفسخ إلى وقت في المستقبل ولا يكون تعليقاً بالشرط، وكما تصح إضافة الإجارة إلى وقت في المستقبل وإن كان لا يجوز تعليقاً بالشرط فكذلك يجوز إضافة الفسخ إلى وقت في المستقبل، وهذا يجوز وإن كان لا يجو تعليقه بالشرط.
وإذا اكترى الرجل إبلاً لمتاع له إلى مصر بمائة دينار فإن قصر عنها إلى الرملة فالكراء سبعون ديناراً، فإن قصر عن الرملة إلى أذرعات فالكراء خمسون