للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ربي) أي راجعت حتى استحييت فلا أرجع فإن رجعت كنت غير راض ولكن ارضني وأسلم أمري وأمرهم إلى الله تعالى قال ابن المنير رحمه الله تفرس النبي صلى الله عليه وسلم من كون التخفيف وقع خمساً خمساً أنه لو سأل التخفيف بعد أن صارت خمساً لكان سائلاً في رفعها مع ما فهم من الإلزام في الأخير بقوله هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي وفيه دليل على عدم فرضية ما زاد على الصلوات الخمس كالوتر وعلى جواز النسخ في الإنشآت وعلى جواز النسخ قبل الفعل (ثم انطلق بي) جبريل (حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى) والسدرة واحدة السدر وهي شجرة النبق سميت بذلك لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها فيقبض منها وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض فيقبض منه يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن أي غير متغير وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها (ونبقها) بفتح النون والموحدة ويجوز إسكان الموحدة (مثل قلال) أي جرار هجر (وورقها كآذان الفيلة تكاد الورقة تغطي هذه الأمة) فالتشبيه في الشكل لا في الكبر وفي رواية الورقة منها تظلل الخلق على كل ورقة ملك وقلال هجر الواحدة منها تسع قربتين أو أكثر وهي قرية بقرب المدينة النبوية قال ابن دحيان اختيرت السدرة دون غيرها لأن فيها ثلاثة أوصاف ظل مديد وطعم لذيذ ورائحة زكية فكانت بمنزلة الإيمان الذي يجمع القول والعمل والنية فالظل بمنزلة العمل والطعم بمنزلة النية والرائحة بمنزلة القول وقال العلقمي قال النووي سميت سدرة المنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال القرطبي ظاهر حديث أنس انها في السابعة لقوله بعد ذكر السماء السابعة ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى وفي حديث ابن مسعود أنها في السادسة وهذا تعارض لا شك فيه وحديث أنس هو قول الأكثرين وهو الذي يقتضيه وصفها بأنا التي ينتهي إليها علم كل نبي مرسل وكل ملك مقرّب على ما قاله كعب قال وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله أو من أعلمه ويترجح حديث أنس بأنه مرفوع وحديث ابن مسعود بأنه موقوف كذا قال ولم يعرج على الجمع بل جزم بالتعارض قلت ولا يعارض قوله أنها في السادسة ما دامت عليه بقية الأخبار انه وصل إليها بعد أن دخل في السماء السابعة لأنه يحمل على أن أصلها في السادسة وأغصانها وفروعها ومعظمها في السابعة وليس في السادسة منها إلا أصل ساقها (فغشيها ألوان لا أدري ما هي) قال العلقمي فيه من الإيهام لتفخيم والتهويل مثل ما في بقية حديث ابن مسعد قال الله تعالى إذ يغشى السدرة ما يغشى قال فراش من ذهب كذا فسر المبهم في قوله ما يغشى بالفراش ووقع في رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس جراد من ذهب قال البيضاوي وذكر الفراش وقع على سبيل التمثيل لأن من شأن والشجر أن يسقط عليه الجراد شبهه وجعلها من ذهب لصفاء لونها وإضاءتها في تغشيها

<<  <  ج: ص:  >  >>