للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها) ظاهره يشهد لمن يقول بالرجوع في الهبة ولو بعد القبض ولغير الفرع وسببه كما في النسائي عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال هل عندكم شيء فقلت لا قال فإني صائم وفي رواية أني إذا أصوم ومعناه ابتدأ بنية الصوم ولهذا قال الشافعي رضي الله تعالى عنه وأصحابه يصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال والراجح أنه يثاب من طلوع الفجر ويشترط جميع شروط الصوم من أول النهار ثم مر بي بعد ذلك اليوم وقد أهدى إلي حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله أنه أهدي إلي حيس فخبأت لك منه فقال أدنيه إما أني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال إنما مثل فذكره ولهذا قال الشافعي وأصحابه يباح الفطر في صوم التطوع (ن هـ) عن عائشة قال الشيخ حديث صحيح

(إنما مثل الذي يصلي ورأسه معقوص) أي مردود شعره تحت عمامته (مثل الذي يصلي وهو مكتوف) أي مشدود اليدين إلى كتفيه في الكراهة تنزيهاً وأوله كمافي مسلم عن ابن عباس أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص وراءه فقال فجعل يحله فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال مالك ورأسي قال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف قال النووي اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوب مشمر أو كمه أو نحوه أو رأسه معقوص أي مردود شعرها تحت عمامته أو نحو ذلك وكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء وهو كراهة تنزيه ثم ذهب الجمهور إلى أن النهي مطلقاً لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أو كان كذلك قبلها إلا لها بل لمعنى آخر وقال الداودي يختص النهي بمن فعل ذلك للصلاة والمختار الصحيح والأول وهو ظاهر المنقول عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وغيرهم ويدل عليه فعل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المذكور ها هنا قال العلماء رحمهم الله تعالى والحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد معه وفي فعل ابن عباس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن ذلك لا يؤخر إذ لم يؤخر ابن عباس حتى يفرغ من الصلاة وأن المكروه ينكر كما ينكر الحرام وأن من رأى منكر وأمكنه تغييره بيده غيره بها وإن خبر الواحد مقبول (حم م طب) عن ابن عباس

(إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب) أي الكتب المنزلة على أنبيائهم فكفر بعضهم بكتاب بعض فالمراد بهلاك من قبلنا هلاكهم في الدين بكفرهم فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل فعلهم وراد بالاختلاف ماأوقع في شك أو شبهة أو فتنة أو شحناء وأما الاختلاف في استنباط فروع الدين منه ومناظرة أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة وإظهار الحق فليس منهياً عنه بل هو مأمور به وفضيلته ظاهرة وقد أجمع المسلمون على هذا من هد الصحابة إلى الآن وسببه كما في مسلم أن عبد الله بن عمرو قال هجرت أي بكرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قال فسمع أصوات رجلين

<<  <  ج: ص:  >  >>