(النصارى) يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها والعزلة عن أهلها وتحمل مشاقها حتى أن منهم من كان يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب فنفاها النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ونهي المسلمين عنها وأمرهم بالجهاد فإذا زهد الرهبان النيا وتخلوا للتعبد فلا تخلي ولا زهد للمسلم أفضل من بذل النفس في سبيل الله (وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن) أي ألزم ذلك (فإنه روحك) بفتح الراء أي راحتك (في السماء وذكرك في الأرض) قال المناوي بإجراء الله ألسنة الخلق بالثناء الحسن عليك عند توفر الشروط والآداب (حم) عن أبي سعيد الخدري قال الشيخ حديث صحيح
• (وصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته) أي ظاهره وباطنه (وإذا أسأته) أي فعلت سيئة (فأحسن) أي اتبعها سنة تمحها (ولا تسألن أحداً شيئاً) يمكنك أن تستغني عنه وإلا فقد يجب السؤال (ولا تقبض أمانة) تعجز عن حفظها أو تقدر لكن لم تثق بأمانة نفسك فيحرم قبولها في الأول ويكره في الثاني فإن قدر على الحفظ ولم يكن ثم غيره وجب أو كان ثم غيره استحب (ولا تقض بين اثنين) أي ما لم يتعين عليك ذلك قال المناوي والخطاب لأبي ذر وكان يضعف عن ذلك (حم) عن أبي ذر قال الشيخ حديث صحيح
• (أوصيك بتقوى الله) تعالى أي الزمها (فإنه) أي لزوم التقوى (رأس الأمر كله) فإنها وإن قل لفظها جامعة لحق الحق والخلق شاملة لخير الدارين (وعليك بتلاوة القرآن) والعمل بما فيه (وذكر الله) أي الزم ذلك (فإنه) أي لزوم ذلك (ذكر لك في السماء) يعني يذكرك الملأ الأعلى بسببه بخير (ونور لك في الأرض) أي يعلوك بين أهلها (عليك بطول الصمت) أي الزم السكوت عما لا ينبغي من نحو سب وغيبة كما يؤخذ من التعليل ولا تطلق لسنانك (لا في خير) كذكر وإصلاح بين الناس (فإنه) أي طول الصمت ويحتمل رجوعه للخير (مطردة للشيطان) أي يطرده ويبعده (عنك وعون لك على أمر دينك وإياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب) أي يصيره مغموراً في الظلمات بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه (ويذهب بنور الوجه) قال المناوي أي بإشراقه وضيائه وبهائه اهـ ويحتمل أن المراد يذهب بالسكينة والوقار (عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي) أي بذل النفس في قتال الكفار بقصد إعلاء كلمة الله لهذه الأمة بمنزلة التبتل والانقطاع إلى الله تعالى عند النصارى (أحب المساكين) هو شامل للفقاء (وجالسهم) فإن مجالستهم تدفع الكبر (انظر إلى من تحتك) في أمور الدنيا (ولا تنظر إلى من فوقك) فيها (فإنه أجدر) أي أحق (أن لا تزدري) تحتقر (نعمة الله عندك) أما في أمور الآخرة فورد الأمر بالنظر إلى من فوق ليبعث ذلك على اللحوق به ويحتقر الشخص إعمال نفسه (صل قرابتك) بالإحسان إليهم بحسب الإمكان ولو بالسلام (وإن قطعوك) فالواصل يصله الله برحمته وإحسانه والقاطع يقطعه عن ذلك (قل الحق وإن كان مراً) أي ائمر بالمعروف وأنه عن