للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

وَدَرَاهِمَ لِيُسَلِّفَ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَيَرُدَّ مِثْلَهُ وَقْفًا فِي مَحَلِّهِ، وَهَكَذَا أَبَدًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَدَمُهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ (تَرَدُّدٌ) تت فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْهِ فِيهَا الشَّارِحُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّك إنْ فَرَضَتْ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا قَصَدَ بِوَقْفِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ بَقَاءَ عَيْنِهِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ بِلَا مَنْفَعَةٍ تَعُودُ عَلَى أَحَدٍ وَيُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الطَّعَامِ الْمُؤَدِّي إلَى إضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ وَقْفٌ لِلسَّلَفِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ مُحْتَاجٌ ثُمَّ يَرُدُّ مِثْلَهُ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا جَوَازُهُ، وَالْقَوْلُ بِكَرَاهَتِهِ ضَعِيفٌ، وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ بِمَنْعِهِ إنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(تَنْبِيهٌ) ابْنُ عَرَفَةَ اسْتَدَلَّ اللَّخْمِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُتَيْطِيُّ لِجَوَازِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَبَّسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا بِاَللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الِاسْتِدْلَال وَهْمٌ شَنِيعٌ فِي فَهْمِهِ إنْ ضَبَطَا بَاءَ حَبَسَ بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي رِوَايَتِهِ إنْ ضَبَطَاهَا بِالتَّشْدِيدِ. وَفِي مِثْلِ هَذَا كَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُ اسْتِدْلَالَاتِ بَعْضِ شُيُوخِ مَذْهَبِنَا لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا خَوْفَ اعْتِقَادِ سَامِعِهَا وَلَا سِيَّمَا مَنْ هُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ حَالَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كُلِّهِمْ أَوْ جُلِّهِمْ مِثْلُ حَالِ هَذَا الْمُسْتَدِلِّ، وَلَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ مُتَقَدِّمِي الْمُتَكَلِّمِينَ رَدًّا عَلَى الْمُنَجِّمِينَ وَدِدْت أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ لِسَخَافَتِهِ وَرَأَيْتُ لِلْآمِدِيِّ رَدًّا عَلَيْهِمْ لَيْسَ مُنْصِفًا اهـ.

الْحَطّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الرِّوَايَةِ فِي الْبُخَارِيِّ حَبَسَ بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ عَلَى وَزْنِ نَصَرَ وَاَلَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا بِاَللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . اهـ. فَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ احْتَبَسَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ، وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ حَبَسَ بِالتَّخْفِيفِ لَيْسَ مَعْنَاهُ وَقَفَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَنَصُّهُ فِي بَابِ الْجَامِعِ الْبَاقُونَ وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّهُ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>