للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ: كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ، أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ

ــ

[منح الجليل]

اللَّخْمِيُّ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ وَلَا بَعْدَ أَنْ وَلِيَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ، أَوْ كَانَ فِيهِ وَقَبْلَ تَحَاكُمِهِمَا إلَيْهِ (إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ) لِلشُّهُودِ فَيَسْتَنِدُ فِيهِمَا لِعِلْمِهِ اتِّفَاقًا حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ. أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ وَيُجَرِّحَ بِعِلْمِهِ، وَأَنَّهُ إنْ عَلِمَ مَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى غَيْرِ مَا شَهِدُوا بِهِ أَنَّهُ يَنْفُذُ عِلْمُهُ وَيَرُدُّ شَهَادَتَهُمْ بِعِلْمِهِ. سَحْنُونٌ لَوْ شَهِدَ عِنْدِي عَدْلَانِ مَشْهُورَانِ بِالْعَدَالَةِ وَأَنَا أَعْلَمُ خِلَافَ مَا شَهِدَا بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ أَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَا أَنَّ أَرُدَّهَا، وَلَكِنْ أَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي فَوْقِي وَأَشْهَدُ بِمَا عَلِمْت وَغَيْرِي بِمَا عَلِمَ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَيْسَا بِعَدْلَيْنِ عَلَى مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ فَلَا أَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا.

وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الِاسْتِنَادِ الْمَفْهُومِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ النَّاسِ مِنْ لَا يَسْأَلُ عَنْهُ وَلَا تُطْلَبُ فِيهِ تَزْكِيَةٌ لِعَدَالَتِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ وَلَا تُطْلَبَ فِيهِ تَزْكِيَةٌ لِاشْتِهَارِ عَدَالَتِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِشُهْرَتِهِ بِغَيْرِ الْعَدَالَةِ إنَّمَا يُكْشَفُ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَهِدَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَمَّا الِاسْمُ فَاسْمُ عَدْلٍ، وَلَكِنْ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّك ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ مَشَايِخَنَا. ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَ لِي بَعْضُ شُيُوخِي أَنَّ الْبَرْقِيَّ فَقِيهَ الْمَهْدِيَّةِ شَهِدَ فِي سَيْرِهِ إلَى الْحَجِّ عِنْدَ قَاضِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة، فَلَمَّا قَرَأَ اسْمَهُ قَالَ أَنْتَ الْبَرْقِيُّ فَقِيهُ الْمَهْدِيَّةِ فَقِيلَ لَهُ نَعَمْ فَكَلَّفَ الْمَشْهُودَ لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ هُوَ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِ دُونَ طَلَبِ تَعْدِيلِهِ.

(أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ) الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (بِالْعَدَالَةِ) الشَّاهِدِ عَلَيْهِ فَيَكْتَفِي بِهِ الْقَاضِي عَنْ طَلَبِ تَعْدِيلِهِ عَنْ غَيْرِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ حَكَمَ عَلَيْهِ خَاصَّةً. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْفَرْعَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَفِي جَرْيِهِ عَلَى أَصْلِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مُتَنَاقِضٌ فَيَجِبُ طَرْحُهُ، فَإِنْ قُلْت فَقَدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي الشُّهُودَ وَاعْتَرَفَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِعَدَالَتِهِمْ قَضَى بِهِمْ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُمْ وَلَا يَقْضِي بِهِمْ عَلَى غَيْرِهِ. قُلْت

<<  <  ج: ص:  >  >>