للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ فَهُوَ بَاطِلٌ، إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ» - صَارَ هَذَا اللَّهْوُ حَقًّا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّرَرَ عَلَى النَّاسِ بِتَحْرِيمِ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ أَشُدُّ عَلَيْهِمْ مِمَّا قَدْ يَتَخَوَّفُ فِيهَا مِنْ تَبَاغُضٍ، أَوْ أَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهَا يَسِيرٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْحَاجَةَ إِلَيْهَا مَاسَّةٌ، وَالْحَاجَةُ الشَّدِيدَةُ يَنْدَفِعُ بِهَا يَسِيرُ الْغَرَرِ، وَالشَّرِيعَةُ جَمِيعُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلتَّحْرِيمِ إِذَا عَارَضَهَا حَاجَةٌ رَاجِحَةٌ أُبِيحَ الْمُحَرَّمُ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَتِ الْمَفْسَدَةُ مُنْتَفِيَةً؟ وَلِهَذَا لَمَّا كَانَتِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إِلَى بَقَاءِ الثَّمَرِ بَعْدَ الْبَيْعِ عَلَى الشَّجَرِ إِلَى كَمَالِ الصَّلَاحِ، أَبَاحَ الشَّرْعُ ذَلِكَ، قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَمَا سَنُقَرِّرُ قَاعِدَتَهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: أَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ بِجَائِحَةٍ هَلَكَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، كَمَا رَوَاهُ مسلم فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟» وَفِي رِوَايَةٍ لمسلم عَنْهُ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» ، وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ - وَإِنَّمَا بَلَغَهُ حَدِيثٌ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ اضْطَرَبَ فِيهِ - أَخَذَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْكُوفِيِّينَ: إِنَّهَا تَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ قَدْ تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهُ قَبْضٌ. وَهَذَا عَلَى أَصْلِ الْكُوفِيِّينَ أَمْشَى؛

<<  <   >  >>