للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ إِلَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ، وَهُوَ إِبْطَالُ الشُّرُوطِ الَّتِي تُنَافِي كِتَابَ اللَّهِ. وَالتَّقْدِيرُ: مَنِ اشْتَرَطَ شَيْئًا لَمْ يُبِحْهُ اللَّهُ فَيَكُونُ الْمَشْرُوطُ قَدْ حَرَّمَهُ؛ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ قَدْ أَبَاحَ عُمُومًا لَمْ يُحَرِّمْهُ، أَوْ مَنِ اشْتَرَطَ مَا يُنَافِي كِتَابَ اللَّهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ» . فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ لِعَدَمِ تَحْرِيمِ الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ جُمْلَةٌ وَصِحَّتُهَا [أَصْلَيْنِ] : الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ الْعَامَّةُ، وَالْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ الَّتِي هِيَ الِاسْتِصْحَابُ، وَانْتِفَاءُ الْمُحَرِّمِ، فَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي أَنْوَاعِ الْمَسَائِلِ وَأَعْيَانِهَا إِلَّا بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوِ الْمَسْأَلَةِ: هَلْ وَرَدَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ أَمْ لَا؟ .

أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُدْرَكُ الِاسْتِصْحَابُ وَنَفْيُ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ: فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَعُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنَّ يَعْتَقِدَ وَيُفْتِيَ بِمُوجَبِ هَذَا الِاسْتِصْحَابِ وَالنَّفْيِ إِلَّا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنِ الْأَدِلَّةِ الْخَاصَّةِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ. فَإِنَّ جَمِيعَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَحَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، [مُغَيِّرٌ] لِهَذَا الِاسْتِصْحَابِ، فَلَا يُوثَقُ بِهِ إِلَّا بَعْدَ النَّظَرِ فِي أَدِلَّةِ الشَّرْعِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ ذَاكَ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمُدْرَكُ هُوَ النُّصُوصُ الْعَامَّةُ: فَالْعَامُّ الَّذِي كَثُرَتْ تَخْصِيصَاتُهُ الْمُنْتَشِرَةُ أَيْضًا لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِ، إِلَّا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: هَلْ هِيَ مِنَ الْمُسْتَخْرَجِ أَوْ مِنَ الْمُسْتَبْقَى؟ وَهَذَا أَيْضًا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعُمُومِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ تَخْصِيصُهُ، أَوْ عُلِمَ تَخْصِيصُ صُوَرٍ مُعَيَّنَةٍ فِيهِ: هَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنِ

<<  <   >  >>