للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكَفَّارَةَ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .

فَصُورَةُ هَذَا النَّذْرِ صُورَةُ نَذْرِ التَّبَرُّرِ فِي اللَّفْظِ، وَمَعْنَاهُ شَدِيدُ الْمُبَايَنَةِ لِمَعْنَاهُ. وَمِنْ هَذَا نَشَأَتِ الشُّبْهَةُ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ فِقْهُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى مَعَانِي الْأَلْفَاظِ لَا إِلَى صُوَرِهَا.

إِذَا تَبَيَّنْتَ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ الدَّاخِلَةَ فِي قَسَمِ التَّعْلِيقِ، فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ بَعْضَهَا مَعْنَاهُ مَعْنَى الْيَمِينِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَبَعْضَهَا لَيْسَ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْيَمِينِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، فَمَتَى كَانَ الشَّرْطُ الْمَقْصُودُ حَضًّا عَلَى فِعْلٍ أَوْ مَنْعًا مِنْهُ، أَوْ تَصْدِيقًا لِخَبَرٍ أَوْ تَكْذِيبًا: كَانَ الشَّرْطُ مَقْصُودَ الْعَدَمِ هُوَ وَجَزَاؤُهُ، كَنَذْرِ اللِّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ عَلَى وَجْهِ اللِّجَاجِ وَالْغَضَبِ.

الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْحَالِفَ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ حُكْمَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

أَمَّا الْكِتَابُ فَقَالَ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٥] [الْبَقَرَةِ] ، وَقَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] [التَّحْرِيمِ: ٢] ، وَقَالَ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: ٨٩] [الْمَائِدَةِ: ٨٩] .

وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ

<<  <   >  >>