للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أَهْلِ] الْأَمْصَارِ؛ مُوَافَقَةً لِلسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي التَّحْرِيمِ، وَزَادُوا عَلَيْهِمْ فِي مُتَابَعَةِ السُّنَّةِ. وَصَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كِتَابًا كَبِيرًا فِي الْأَشْرِبَةِ، مَا عَلِمْتُ [أَحَدًا] صَنَّفَ أَكْبَرَ مِنْهُ، وَكِتَابًا أَصْغَرَ مِنْهُ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ فِي الْعِرَاقِ هَذِهِ السُّنَّةَ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ بَعْضُهُمْ بَغْدَادَ فَقَالَ: هَلْ فِيهَا مَنْ يُحَرِّمُ النَّبِيذَ؟ فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَأَخَذَ فِيهَا بِعَامَّةِ السُّنَّةِ، حَتَّى إِنَّهُ حَرَّمَ الْعَصِيرَ وَالنَّبِيذَ بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شِدَّةٌ؛ مُتَابَعَةً لِلسُّنَّةِ الْمَأْثُورَةِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ مَظِنَّةُ ظُهُورِ الشِّدَّةِ غَالِبًا، وَالْحِكْمَةُ هُنَا مِمَّا تَخْفَى، فَأُقِيمَتِ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْحِكْمَةِ، حَتَّى إِنَّهُ كَرِهَ الْخَلِيطَيْنِ، إِمَّا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ أَوْ تَحْرِيمٍ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَحَتَّى اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ: هَلْ هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ لِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَأَحَادِيثَ النَّسْخِ قَلِيلَةٌ. فَاخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُ: هَلْ تُنْسَخُ تِلْكَ الْأَخْبَارُ الْمُسْتَفِيضَةُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا أَخْبَارَ آحَادٍ، وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْهَا شَيْئًا؟

وَأَخَذُوا فِي الْأَطْعِمَةِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ لِصِحَّةِ السُّنَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَتَحْرِيمِ

<<  <   >  >>