للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى الْإِعْتَاقِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُ هَذَا التَّدْبِيرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِلَّا قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةً عَنْ أحمد، وَفِي بَيْعِهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ. وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ فَقَالَ: إِذَا مُتُّ فَأَعْتِقُوهُ، كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الْوَصَايَا، [وَكَانَ لَهُ بَيْعُهُ هُنَا، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ] .

ذَكَرَ أبو عبد الله إبراهيم بن محمد [بن محمد] بن عرفة فِي تَارِيخِهِ: أَنَّ المهدي لَمَّا رَأَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنَ الْعَهْدِ [إِلَى ابْنِهِ] عَزَمَ عَلَى خَلْعِ عيسى وَدَعَاهُمْ إِلَى الْبَيْعَةِ لموسى، فَامْتَنَعَ عيسى مِنَ الْخَلْعِ، وَزَعَمَ أَنَّ عَلَيْهِ أَيْمَانًا تُخْرِجُهُ مِنْ أَمْلَاكِهِ وَتُطَلِّقُ نِسَاءَهُ، فَأَحْضَرَ لَهُ المهدي ابْنَ عُلَاثَةَ وَمُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ الزَّنْجِيَّ وَجَمَاعَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَأَفْتَوْهُ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَاعْتَاضَ عَمَّا يَلْزَمُهُ فِي يَمِينِهِ [بِمَالٍ كَثِيرٍ ذَكَرَهُ] وَلَمْ يَزَلْ بِهِ إِلَى أَنْ خَلَعَ نَفْسَهُ وَبُويِعَ للمهدي ولموسى الهادي بَعْدَهُ.

وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَقَالَ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ: يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ؛ لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ليلى بنت العجماء الَّتِي أَفْتَاهَا عبد الله بن عمر وحفصة أم المؤمنين، وزينب ربيبة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ فِي قَوْلِهَا: " إِنْ لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَتِكَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي مُحَرَّرٌ ". وَهَذِهِ الْقِصَّةُ هِيَ مِمَّا اعْتَمَدَهُ الْفُقَهَاءُ الْمُسْتَدِلُّونَ فِي مَسْأَلَةِ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، لَكِنْ تَوَقَّفَ أحمد وأبو عبيد عَنِ الْعِتْقِ فِيهَا لِمَا ذَكَرْتُهُ مِنَ الْفَرْقِ، وَعَارَضَ أحمد ذَلِكَ.

وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَلَمْ يَبْلُغْ أَبَا ثَوْرٍ فِيهِ أَثَرٌ فَتَوَقَّفَ عَنْهُ، مَعَ أَنَّ

<<  <   >  >>