للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْهَدْيِ، لَا وُجُوبُهَا، كَمَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ فِي قَوْلِهِ: فَعَبْدِي حُرٌّ، وَامْرَأَتِي طَالِقٌ: وُجُودُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، لَا وُجُوبُهُمَا. وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، فِيمَا إِذَا قَالَ: هَذَا هَدْيٌ، وَهَذَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، هَلْ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ لَا يَخْرُجُ؟ فَمَنْ قَالَ: يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ، فَهُوَ كَخُرُوجِ زَوْجِهِ وَعَبْدِهِ عَنْ مِلْكِهِ. أَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ: أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهَدْيَ يَتَمَلَّكُهَا النَّاسُ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَهَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، فَهُوَ جَعَلَ الْمَحْلُوفَ بِهِ هُنَا وُجُوبَ الطَّلَاقِ لَا وُجُودَهُ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ.

فَبَعْضُ صُوَرِ الْحِلْفِ بِالطَّلَاقِ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ بِهِ صِيغَةَ وُجُوبٍ، كَمَا أَنَّ بَعْضَ صُوَرِ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ يَكُونُ الْمَحْلُوفُ بِهِ صِيغَةَ وُجُودٍ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي: فَنَقُولُ: هَبْ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالْفِعْلِ هُنَا وُجُودُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالْمُعَلَّقَ هُنَاكَ وُجُوبُ الصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالْإِهْدَاءِ، أَلَيْسَ مُوجَبُ الشَّرْطِ ثُبُوتَ هَذَا الْوُجُوبِ وَذَاكَ الْوُجُودِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ؟

فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ الْوُجُوبُ، بَلْ يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ هَذَا الْوُجُودُ، بَلْ يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ كَافِرٌ إِنْ فَعَلَ كَذَا، فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ هُنَا وُجُودُ الْكُفْرِ عِنْدَ الشَّرْطِ، ثُمَّ إِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ

<<  <   >  >>