للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكُفْرُ بِالِاتِّفَاقِ، بَلْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ كَافِرٌ: لَلَزِمَهُ الْكُفْرُ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ ابْتِدَاءً: عَبْدِي حُرٌّ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَهَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ، وَعَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ الْخَمِيسِ. وَلَوْ عَلَّقَ الْكُفْرَ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ وُجُودَهُ كَقَوْلِهِ: إِذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ فَقَدْ بَرِئْتُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِكُفْرِهِ، لَكِنْ لَا [يَتَأَخَّرُ] الْكُفْرُ، لِأَنَّ تَوْقِيتَهُ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ.

فَإِنْ قِيلَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ: إِنَّمَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ.

قِيلَ مِثْلُهُ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي.

وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ إِذَا قَالَ: " فَعَلَيَّ أَنْ أَطَلِّقَ امْرَأَتِي " لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، فَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَلِهَذَا تَوَقَّفَ طَاوُسٌ فِي كَوْنِهِ يَمِينًا.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِهِ وَالتَّكْفِيرِ، فَكَذَلِكَ هُنَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَبَيْنَ التَّكْفِيرِ. فَإِنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ كَانَ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِلتَّكْفِيرِ، كَمَا أَنَّهُ فِي الظِّهَارِ يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَبَيْنَ تَطْلِيقِهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، لَكِنْ فِي الظِّهَارِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنَ الْقَوْلِ وَزُورٌ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ. وَأَمَّا هُنَا فَقَوْلُهُ: إِنْ فَعَلْتُ فَهِيَ طَالِقٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَهَا. أَوْ قَالَ: وَاللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

يَبْقَى أَنْ يُقَالَ: فَهَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ إِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا

<<  <   >  >>