صورتها في أوربا، ومن هنا كان حتما علينا دراسة هذه المشكلات دراسة خاصة، وبالتالي تحديد رأس المال ذاته من زاوية أخرى باعتباره آلة اجتماعية تنهض بالتقدم المادي، لا آلة سياسية في يد فئة رأسمالية، كما عالجها ماركس ومدرسته، وذلك حتى يرتفع من الأذهان الغموض الذي يحيط ببعض المفاهيم الاقتصادية بسبب فهم مخطىء لمفهوم " رأس المال " ناشىء عن عدم فهمنا للمعنى الديناميكي لهذا المصطلح العلمي.
وينبغي لنا أن نفم قبل كل شيء أن كلمة " رأسمال " ليست من مصطلحاتنا، ولا هي من الشيء الذي تعودناه، فنحن دائما نخلط بين شيئين متمايزين تمام التمايز: الثروة، ورأس المال.
ولتحديد كلا الاصطلاحين بالمعنى الاجتماعي، نلاحظ أن الثروة يمكن فهمها من وجهتين في بلادنا:
١ - بالنسبة للمركز الاجتماعي لصاحبها. فهو فلاح، أو صاحب ماشية، أو صاحب ضيعة.
٢ - بالنسبة لاستعمال صاحبها لها. وهو يستعملها في إطاره الذي تقتضيه حرفته المحلية، وفي كلتا الحالتين تظهر الثروة معرفة لنا بطابع مكاسب الشخص غير المتحركة، غير الداخلة في الدورة الاقتصادية، فهي شيء محلي مستقر في حقل صاحبه، أو داره، أو حول خيمته، وليس لها من عمل مستقل، كقوة مالية تدخل في بناء الصناعات وتمويلها، أو في تجارة التصدير والاستيراد، أو غير ذلك من الميادين الاقتصادية، كما هو الشأن في رأس المال.
فالثروة تلقب بلقب صاحبها، أما رأس المال فإنه ينفصل اسما عن صاحبه، ويصبح قوة مالية مجردة، وهذا شيء معروف عند الاقتصاديين.
هذه القيود التي تقعد بالثروة عن أن ترقى إلى مستوى رأس المال، تجعل منها شيئاً بدائياً بسيطاً، من الناحيتين الاقتصادية والأدبية، شيئاً يستخدمه الفرد