تبين لنا من الفصل السابق كيف يُحرِّف الاستعمار منهجياً معادلة الفرد المستعمَر، باستخدام أنواع من العراقيل متعددة، يصادفها الفرد في طريقه. وعرفنا كيف يؤثر المعامل الاستعماري لتضييق نشاط الحياة في البلاد المستعمرة، حتى تكون مصبوبة في قالب ضيق، يهيئه الاستعمار في كل جزئية من جزئياته، خوفاً من أن تتيح الحياة المطلقة لمواهب الإنسان أن تأخذ مجراها الطبيعي إلى النبوغ والعبقرية.
على أنه من الناحية الجدلية: هذا الاعتبار خارجي بكيفية ما، لأنه يرينا كيف يؤثر الاستعمار على الفرد من الخارج، ليخلق منه نموذج الكائن المغلوب على أمره، والذي يسميه المستعمر في لغته (الأهلي).
ونحن في هذا الفصل نريد أن نتعرض لعامل آخر ينبعث من باطن الفرد الذي يقبل على نفسه تلك الصبغة، والسير في تلك الحدود الضيقة التي رسمها الاستعمار، وحدد له فيها حركاته وأفكاره وحياته ".
فنرى أولا هذا الرجل يقبل اسم (الأهلي)، يوم استأهل لكل ما ترمي إِليه المقاصد الاستعمارية، من تقليل قيمته من كل ناحية، حتى من ناحية اسمه. ومما يلاحظ أنه منذ سنين قليلة، كان هذا الرجل يحمل هذا الاسم كرايته،