للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مُشْكِلَةُ الزَّيِّ

إِن التوازن الأخلاقي في مجتمع ما، منوط بمجموعة من العوامل الأدبية والمادية، والملبس هو أحد تلك العوامل.

فالعباءة مثلاً من الأشياء التي ورثتها لنا بيئة تميل بروحها إلى التنعم والهدوء.

ولقد كان هذا اللباس يناسب جميع طبقات الشعب في الماضي، على تناقضها، فكما أنه كان لباس الزاهد المتقرب إلى الله، ولباس الراعي المسكين، فإنه كان لباس الأمراء المنهمكين في الملاذ والشهوات، وذلك لأن قاسما مشتركا من الحياة الراكدة الهادئة كان يجمعهم.

ولكن هل نتصور اليوم العباءة على ظهر عامل الماكينة أو مصلحها أو على ظهر عامل المنجم في باطن الأرض؟.

إن العالم الاسلامي على أبواب نهضة يدخل بها المصنع والعمل، وإن هذا كله ليدعوه إلى أن يساير ملبسه ذلك النشاط الجديد، فهذا شأن الأمم جميعاً. فالشعب الياباني قد بدأ بتغيير ملبسه عندما دق بابه ((الكومودور بيري))، قائد الأسطول الأمريكي عام ١٨٥٣، لأنه أدرك أن لا مناص له من الخروج من ذلك الطور العتيق إلى الحضارة الحديثة، وفهم أن ذلك يقتضيه التخلي عن عباءته الحريرية المسماة (بالكيمونو) لكي يلبس ذلك اللباس الأزرق القطني الذي يناسب عامل الميكانيكا.

<<  <   >  >>