للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

دَوْرُ الْوَثَنِيَّةِ

((إذا فصلت السياسة عن الدين فقدت معناها .. كل طفل فى مدرستنا يدري الأنظمة السياسية في الهند، ويعرف كيف أن بلاده تتقد بإحساسات جديدة وبآمال جديدة، ولكننا أيضاً في حاجة إلى الضوء الثابت المستقر. ضوء الأيمان الديني))

((غاندي)).

من المعرو ف أن القرآن الكريم قد أطلق اسم الجاهلية على الفترة التي كانت قبل الإسلام، ولم يشفع لهم شعر رائع، وأدب فذ، من أن يصفهم القرآن بهذا الوصف، لأن التراث الثقافي العربي لم يكن يحوي سوى الديباجة المشرقة، الخالية من كل عنصر "خلاق" أو فكر عميق. وإذا كانت الوثنية في نظر الإسلام جاهلية، فإن الجهل في حقيقته وثنية، لأنه لا يغرس أفكارا، بل ينصب أصناما، وهذا هو شأن الجاهلية، فلم يكن من باب الصدفة المحضة أن تكون الشعوب البدائية وثنية ساذجة، ولم يكن عجيبا أيضا أن مر الشعب العربي بتلك المرحلة، حين شيد معبدا للأقطاب (الدراويش) المتصرفين في الكون، ومن سنن الله في خلقه أنه عندما تغرب الفكرة يبزغ الصنم، والعكس صحيح أحيانا.

وهكذا كان شأن الجزائر فإنها كانت حتى عام ١٩٢٥ - على الرغم من إسلامها- تدين بالوثنية، التي قامت نصبها في الزوايا، هنالك كانت تذهب الارواح الكاسدة لالتماس البركات، ولاقتناء الحروز ذات الخوارق والمعجزات، غير أنه ما إن سطع نور الفكرة الإصلاحية حتى تحطم ذلك المعبد، فخرت الأوثان مع أسف عماتنا وخالاتنا اللاتي أدهشهن ما رأين.

وبالفعل فقد خمدت نيران أهل الزردة (الفتَّة)، وزالت عن البلاد حمى الدراويش، وتخلصت منها الجماهير بعد أن ظلت طوال خمسة قرون ترقص على دقات البنادير، وتبتلع العقارب والمسامير مع الخرافات والأوهام.

<<  <   >  >>