إن توجيه الأشياء الإنسانية يعني أولاً تعريفها، وفي التاريخ منعطفات هائلة خطيرة، يتحتم فيها هذا التعريف، والنهضة في العالم الاسلامي إحدى تلك المنعطفات، والثقافة من هذه الأشياء الأساسية التي تتطلب بإلحاح تعريفها، بل تعريفين:
الأول: يحددها في ضوء حالتنا الراهنة.
والثاني: يحددها حسب مصيرنا.
لأن جيلنا هذا حد فاصل بين عهدين: عهد الكساد والخمول، وعهد النشاط والمدنية.
فنحن قد شرعنا في بناء نهضتنا منذ خمسين عاما، ذلك هو مكاننا أي تلك هي اللحظة الخاطفة التي تسجل نهاية الظلام في ضميرنا، ودبيب الحياة في ذلك الضمير. فهي اللحظة الفارقة بين عهد الفوضى الجامدة، والجمود الفوضوي، وعهد التنظيم والتركيب والتوجيه.
وحينما يصل التاريخ إلى مثل هذا المنعطف من دورة الحضارة، فإنه يصل الى المنطقة التي تتصل فيها نهاية عهد ببداية عهد آخر، ويتجاوز فيها ماضي الأمة المظلم، مع مستقبلها المشرق البسام.
وهكذا حين نتحدث عن النهضة، يلزمنا أن نتصورها من ناحيتين: