لا شك أن بحثنا سوف يكون معرضا لانتقاد محق، إذا نحن تغافلنا عن تأثير المعامل الاستعماري واتصاله بنهضة البلاد العربية والإسلامية اتصالا وثيقا، غير أنه يجب أن نتحدث عن هذا المعامل من ناحيته الفنية:
فللفرد بصفته عاملاً أولياً للحضارة قيمتان:
الأولى منهما خام، والأخرى: صناعية؛ أو: الأولى منهما: طبيعية، والأخرى: اجتماعية.
أما القيمة الأولى فهي موجودة في كل فرد من الأفراد، في تكوينه البيولوجي، وتتمثل في استعداده الفطري لاستعمال عبقريته وترابه ووقته.
وإِذا نظرنا إلى المسلم الجزائري مثلا من هذه الزاوية، فإننا نراه مزودا من ذلك بأطيب زاد، فإن التاريخ يشهد بكفاءته وعبقريته في هذا الشأن إذ أنه سطر من مظاهر هذه العبقرية كثيرا، ما بين عهد القديس أوغستين البوني إلى عهد ابن خلدون.
وأما القيمة الثانية وهي القيمة الصناعية فإنه يكتسبها من وسطه الاجتماعي، وهي تتمثل في الوسائل والمسيرات التي يجدها الفرد في إطاره الاجتماعي لترقية شخصيته وتنمية مواهبه وتهذيبها.
ووظيفة الهيئة الاجتماعية إنما تتمثل في الواقع في هذه الترقية أو التنمية.