((إنه من السنن الأزلية أن يعيد التاريخ نفسه، كما تعيد الشمس كرتها من نقطة الانقلاب)).
((نيتشة))
من الملاحظات الاجتماعية أن للتاريخ دورة وتسلسلاً، فهو تارة يسجل للأمة مآثر عظيمة ومفاخر كريمة، وهو تارة أخرى يلقي عليها دثارها، ليسلمها إلى نومها العميق. فإذا ما أخذنا هذه الملاحظة بعين الاعتبار، ختم علينا في حل مشكلاتنا الاجتماعية أن ننظر مكاننا من دورة التاريخ، وأن ندرك أوضاعنا، وما يعتورنا من عوامل الانحطاط وما ننطوي عليه من أسباب التقدم. فإذا ما حددنا مكاننا من دورة التاريخ، سهل علينا أن نعرف عوامل النهضة أو السقوط في حياتنا.
ولعل أعظم زيغنا وتنكبنا عن طريق التاريخ أننا نجهل النقطة التي منها نبدأ تاريخنا، ولعل أكبر أخطاء القادة أنهم يسقطون من حسابهم هذه الملاحظة الاجتماعية. ومن هنا تبدأ الكارثة، ويخرج قطارنا عن طريقه حيث يسير خبط عشواء.
ولا عجب، فإن كوارث التاريخ التي تحيد بالشعب عن طريقه ليست بشاذة. ونحن نجد مثلها في الكارثة التي أصابت العالم الاسلامي في واقعة صفين فأخرجته من جو المدينة الذي كان مشحونا بهدى الروح، وبواعث التقدم، إلى جو دمشق حيث تجمعت مظاهر الترف، وفتور الايمان.
وعليه فإنه لا يجوز لأحد أن يضع الحلول والمناهج، مغفلاً مكان أمته ومركزها، بل يجب عليه أن تنسجم أفكاره، وعواطفه، وأقواله، وخطواته مع