للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكانت الجرائد تعنون به صحفها، وكنا نسمع هذه الكلمة تتردد في خطب الطبقة المثقفة (الأهلية) ونقرؤها في مقالاتها.

وإذا لم نكن شاهدنا خصيانا يلقبون أنفسهم (بالخصي) فقد شاهدنا مرارا مثقفين جزئريين يطلقون على أنفسم (الأهلي).

ومعنى ذلك أننا قد أخذنا أنفسنا بالمقياس الذي تقيسنا به ((إدارة الشئون الاستعمارية)).

إن المستمعر يريد منا بطالة يحصل من ورائها يداً عاملة بثمن بخس فيجد منا متقاعدين، بينما الأعمال جدية تترقب منا الهمة والنشاط.

وهو يريد منا جهلة يستغلهم، فيجدنا نقاوم ذلك الجهد البسيط المبذول عندنا ضد الأمية وهو جهد ((جمعية العلماء)).

وهو يريد منا انحطاطاً في الأخلاق كي تشيع الرذيلة بيننا، تلك الرذيلة التي تكون نفسية رجل ((القلة))، فيجدنا أسرع إلى محاربة الفضيلة، التي يحاول نشرها العلماء في بلادنا، وهو يريد تشتيت مجتمعنا وتفريق أفراده شيعا وأحزاباً، حتى يحل بهم الفشل في الناحية الأدبية، كما هم فاشلون في الناحية الاجتماعية، فيجدنا متفرقين بالسياسات الانتخابية، التي نصرف في سبيلها ما لدينا من مال وحكمة.

وهو يريد منا أن نكون أفرادا تغمرهم الأوساخ، ويظهر في تصرفاتهم الذوق القبيح، حتى نكون قطيعا محتقراً، يسلم نفسه للأوساخ والمخازي، فيجدنا ناشطين لتلبية دعوته.

وبذلك تكون العلة مزدوجة، فكلما شعرنا بداء المعامل الاستعماري الذي يعترينا من الخارج، فإننا نرى في الوقت نفسه معاملاً باطنيا يستجيب للمعامل الخارجي ويحط من كرامتنا بأيدينا.

وربما لم نكن لنفقه لهذا الداء الباطني معناه الاجتماعي، لولا أن الفئة

<<  <   >  >>