إننا نرى في حياتنا اليومية جانبا كبيرا من (اللافاعلية) في أعمالنا إذ يذهب جزء كبير منها في العبث، والمحاولات الهازلة.
وإذا ما أردنا حصرا لهذه القضية فإننا نرى سببها الأصيل في افتقادنا الضابط الذي يربط بين عمل وهدفه، بين سياسة ووسائلها، بين ثقافة ومثلها، بين فكرة وتحقيقها: فسياستنا تجهل وسائلها، وثقافتنا لا تعرف مثلها العليا، وإن ذلك كله ليتكرر في كل عمل نعمله وفي كل خطوة نخطوها.
ولقد يقال: إن المجتمع الاسلامي يعيش طبقا لمبادىء القرآن، ومع ذلك فمن الأصوب أن نقول: إنه يتكلم تبعا لمبادىء القرآن، لعدم وجود المنطق العملي في سلوكه الاسلامي.
ونظرة إلى واقعنا لنرى الرجل الأوروبي والرجل المسلم: أيهما ذو نشاط وعزم وحركة دائبة؟.
ليس هو الرجل المسلم بكل أسف، الذي يأمره القرآن كما يعرف ذلك تماما- بقوله تعالى:(واقصد في مشيك) وقوله: (ولا تمش في الأرض مرحا). ألم نقل: إن الذي ينقص المسلم ليس منطق الفكر؟. ولكن منطق العمل والحركة، فهو لا يفكر ليعمل، بل ليقول كلاما مجردا بل أكثر من ذلك. فهو أحيانا يبغض أولئك الذين يفكرون تفكيرا مؤثرا. ويقولون كلاما منطقيا من شأنه أن يتحول في الحال إلى عمل ونشاط.
ومن هنا يأتي عقمنا الاجتماعي، فنحن حالمون، يقصنا المنطق العملي، ولننظر إلى الأم التي تريد أن تربي ولدها، فهي إما أن تبلده بمعاملة أم متوحشة، وإما أن ترخي له العنان، وتتميع معه، فإذا أبدت إشارة أو أصدرت أمرا، شعر الطفل بتفاهة إرادتها، فلم يعبأ بها، إذ أن الوهن والسخف يطبعان منطق قولها، حتى في عين هذا الصبي المسكين.