للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الواقع علاقة عضوية ذات أهمية اجتماعية كبيرة. إذ أنها تحدد طابع الثقافة كله، واتجاه الحضارة حينما تضع هذا الطابع الخاص على أسلوب الحياة في المجتمع، وعلى سلوك الافراد فيه.

فالحياة في مجتمع معين قبل أن تتأثر بالفنون والصناعات، أي بالجانب المادي أو الاقتصادي من الحضارة تتخذ لها اتجاها عاما ولونا شاملاً. يجعلان جميع تفاصيلها مرتبطة بالمبدأ الأخلاقي وبذوق الجمال الشائعين في هذا المجتمع. وبعبارة أدق إنها تكون مرتبطة بالعلاقة الخاصة القائمة بينهما.

ونتيجة هذه العلاقة تأتى أولاً في ترتيب خاص يقدم أو يؤخر المبدأ الأخلاقي على ذوق الجمال في "سلم" القيم الثقافية. حتى يتكون نموذج معين من المجتمع بسبب هذا الترتيب.

ويمكننا أن نصوغ هذه العلاقة في صورة جبرية هكذا.

مبدأ أخلاقي + ذوق جمال= اتجاه حضارة.

وتعتبر إذن هذه المعادلة كمقياس عام يدل عن اتجاه الحضارة كما يدل ما يسميه علماء الرياضة " الدالة " ( le discriminant) في المعادلات الجبرية من الدرجة الثانية (١).

كذلك شأن الحضارة. تتغير ميزاتها وتتجه بوجه خاص، طبقا لعلاقة المبدأ الأخلاقي وذوق الجمال في المعادلة الحضارية. أي طبقا لترتيب هذين العنصرين في تلك المعادلة.

وعليه فإنه يمكننا القول بأن هناك، بصورة عامة، نموذجين من المجتمع: نموذج يقوم فيه النشاط أساسا، على الدوافع الجمالية ونموذج يقوم فيه النشاط على الدوافع الأخلاقية أولاً.


(١) على شرط أن نعتبر ترتيب عنصريها ثابت لا يتغير. على خلات المعادلات الجبربة العادية.

<<  <   >  >>