للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا بَنىَّ، قد أتت علىَّ سِتُّون ومائةُ سنة، ما صافحَتْ يمينى يمينَ غادِر، ولا قَنِعتْ نفسى بخِلٍّ (١) فاجِر، ولا صَبَوْتُ بابنة عمٍّ ولا كَنَّةٍ (٢)، ولا طَرَحَتْ عندى مُومِسَةٌ قِناعَها (٣)، ولا بُحْتُ بسِرِّ صَديق (٤)، وإنّى لعَلَى دينِ شُعيبٍ النبىّ، صلّى الله عليه (٥)، وما عليه أحدٌ مِن العَرب غيرى وغيرُ أسد بن خُزَيمة، وتميم بن مُرّ. فاحفظوا وصيَّتى وتَربُّوا (٦) على شريعتى.

إلهَكُم فاتَّقُوه يَكْفِكُمُ المُهِمَّ (٧) من أموركم، ويُصلحْ لكم أعمالَكم، وإيَّاكم ومعصيتَه لا يَحُلَّ بكم الدَّمار، كُونوا جميعًا ولا تتفرَّقوا، وإنَّ موتًا فى عِزٍّ خيرٌ مِن حياةٍ فى ذُلٍّ وعَجْز، وتجنَّبُوا الحَمْقَاءَ، فإنَّ ولَدَها إلى أفْنِ (٨)، وإذا اختلف القومُ أمكنُوا عَدُوَّهم، وأنشأ يقول:

أكلتُ شَبابِى فأفْنيتُهُ ... وأنْضَيْتُ (٩) بعدَ دُهُورٍ دُهُورا


= فى كتاب الوصايا -المنشور مع المعمّرين- ص ١٢٢، ١٢٣، ١٢٤.
وقد وجدتُ الشريف المرتضى ذكر الوصيّة على نحوِ ما ذكرها ابن الجوزى، مَنْسُوبةً كما نَسَبها، وأضاف إليها شَرْحَها. أمالى المرتضى ١/ ٢٣٢ - ٢٣٤. وتتّفق رواية الشريف مع رواية أبى حاتم. أما ابن الجوزى فقد اختصر من الوصيَّة شيئا.
(١) فى الوصايا والأمالى: "بخُلَّة فاجر".
(٢) الكَنَّة: امرأة الابن أو الأخ.
(٣) هى الفاجرةُ البغىّ. قال الشريف: وأراد بقوله: "إنها لم تطرح عندَه قِناعها" أى لم تتَبذّلْ عنده وتَتَبَسَّطْ، كما تفعل مع من يريد الفُجورَ بها.
(٤) فى الوصايا: "ولا بُحْتُ لصديقٍ لى بسِرِّى"، وفى الأمالى: "ولا بُحْت لصديقى بسِرّ". وروايتنا هى الأعلى والأصحّ إن شاء الله.
(٥) هكذا بدون "وسلم" وقد علّقْت عليه فى مقدمة المؤلف ص ٦.
(٦) فى الوصايا والأمالى: "ومُوتُوا".
(٧) فى الأصل: "الهَمّ"، وأثبتُّ ما فى الوصايا والأمالى.
(٨) فى الوصايا والأمالى: "إلى أفْنِ ما يكون". والأفْن: الفساد، وهو الحُمْق أيضًا.
(٩) فى الوصايا: "وأمضيتُ" وفى الأمالى: "وأفنيتُ". ونَضا عنه ثوبَه عنه نَضْوًا: خَلَعه وألقاه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>