للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمفتي في تعريفه بما حرص المستفتي على معرفته، وبناءً على هذا القول وجدنا بعض العلماء من يتصوَّر المسائل ويفترض الوقائع ويجيب عليها، ويدوّن ذلك حتى يقف عليها من يريد معرفة هذه الأحكام.

على المستفتي أن يسأل الصالح للإفتاء:

١٨٥- وحيث وجب على المسلم أو جاز له الاستفتاء، فعليه أن يستفتي من توافرت فيه الصلاحية للإفتاء؛ لأنَّ استفتاءه يتعلق بالدين، فعليه أن يحتاط لدينه فيسأل من هو أهْلٌ للافتاء، ولكن كيف يعرف العامي الصالح الكفء ليسأله؟ قالوا: يعرف ذلك بالسؤال عنه، أو إخبار الثقة له عنه، أو باشتهار أمره بين الناس، وهذا هو المقدور للعامي.

١٨٦- فإذا لم يجد العامي في بلده من يستفتيه فعليه أن يرحل إلى حيث يجد من يفتيه، فقد كان السلف الصالح إذا احتاج أحدهم إلى معرفة مسألة شرعية ولم يجد من يخبره بحكمها رحل إلى حيث يجد العالم الكفء الذي يخبره بذلك.

استفتاء الأصلح:

١٨٧- وإذا وجب على المستفتي أن يستفتي الصالح للإفتاء، فهل يجب عليه أن يجب عليه أن يتحرَّى عن الأصلح إذا كثر المفتون في بلده؟

قولان للعلماء في هذه المسألة:

القول الأول: لا يجب عليه التحري عن الأصلح، فله أن يسأل من شاء من أهل الإفتاء ما داموا صالحين له؛ لأن العاميِّ لا قدرة له على معرفة الأصلح، ولا على وزن الرجال وتقدير منازلهم ومراتبهم في العلم، فتكليفه بذلك ضرب من التكليف بِما لا يطاق.

القول الثاني: يجب عليه التحري عن الأصلح واستفتاؤه دون غيره، وليس في ذلك تكليف له بما لا يطاق؛ إذ يستطيع أن يعرف الأصلح بالسؤال عنه أو بأخبار الثقة له عنه، أو باشتهار أمره وبروزه بين أقرانه، وهذا القدر كما يرى ممكن له ويؤدي إلى معرفة الأصلح غالبًا، وهذا هو المقدرو له والمطالب به، وإذا لم يصل إلى الأصلح مع ذلك كله، فلا لوم عليه ولا تثريب.

<<  <   >  >>