للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختيار أهل العقد والحل، فيتعيِّن عليهم نصبه، ويجب على الخلق طاعته"١.

أهل العقد والحل:

٣٤١- وإذا كان انتخاب الخليفة من حق الأمة، ولها أن تباشر هذا الحق عن طريق أهل الحلِّ والعقد، فمن هم أهل الحل والعقد؟ وما علاقتهم بالأمة؟ وكيف ينالون هذه المنزلة؟

أما عن السؤال الأول: من هم أهل الحد والعقد؟ فإنَّ الفقهاء يذكرون أوصافًا عامة لهم، ويقولون: هي الشروط المعتبرة فيهم، وهي: الأول: العدالة الجامعة لشروطها.

والثاني: العلم الذي يتوصّل إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها.

والثالث: الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو للأمة أصلح وبتدبير المصالح أقوم٢، ويذهب بعض الفقهاء المحدثين إلى تحديدٍ أوضح في أوصاف أهل العقد والحل، فيقول صاحب تفسير المنار رشيد رضا -رحمه الله تعالى: "أولو الأمر جماعة أهل الحل والعقد، وهم الأمراء والحكماء والعلماء ورؤساء الجند وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامة"٣، فيفهم من هذا القول ومِمَّا ذكره الفقهاء أنَّ أهل العقد والحل هم المتبعون في الأمة الحائزون على ثقتها، ورضاها لما عرفوا به من التقوى والعدالة٤ والإخلاص والاستقامة وحسن الرأي ومعرفة الأمور، والحرص على مصالح الأمة.

أما علاقة أهل العقد والحل بالأمَّة فهي علاقة النائب والوكيل، فهم يباشرون انتخاب رئيس الدولة -الخليفة- نيابةً عن الأمة، ومن ثَمَّ يعتبر انتخابهم ملزمًا للأمة.

أما كيف ينالون هذه المنزلة -منزلة أهل العقد والحل، فإنَّ المتبادر إلى الذهن أنَّ الأمة هي التي ترفعهم إلى هذه المنزلة باختيارهم لهم، ولكننا لا نجد في السوابق التاريخية القديمة ما يشير إلى أنَّ الأمة اجتمعت وانتخبت طائفة منها وأعطتها صفة


١ مقدمة ابن خلدون ص١٩٣، وانظر الماوردي ص٤.
٢ الأحكام السلطانية للماوردي ص٤، وأبو يعلى الحنبلي ص٣، ٤.
٣ تفسير المنار، ج٥ ص١٨١.
٤ من شروط العدالة الإسلام، فيشترط أن يكون الشخص مسلمًا.

<<  <   >  >>