يصيرون عالة على المجتمع، وفي هذا تخفيف عن كاهل الدولة في سدِّ حاجات المحتاجين.
٤١٩- والميراث يفتِّتُ الثروات ويمنع من تكديسها في أيد قليلة؛ لأن تركة الإنسان بعد موته تقسَّم على عدد غير قليل من أقاربه، ولمَّا كان الإنسان غير مخلَّد في الدنيا، وعمره في الغالب قصير لا يتجاوز بضع عشرات من السنين، فإن الثروة التي قد يجمعها الإنسان في حياته لا بُدَّ أن تتفتَّتَ بعد زمن قصير، وتفتيت الثروات الكبيرة مِمَّا يرغِّب فيه الإسلام، ويسلك لتحقيقه سبلًا كثيرة هادئة مريحة لا عنف فيها ولا اهتزاز، ومن هذه السبل تقرير مبدأ الميراث.
٤٢٠- وأخيرًا فإنَّ تنظيم الإرث في الإسلام جاء على غاية في العدل والدقة، مما لا نجد له نظيرًا مطلقًا في أيِّ شرع آخر، فقد لوحظ فيه مدى قرب الوارث من الميت، ومدى حاجته، وتكاليفه، وإعانته للمورِّث، وفي ضوء ذلك وغيره جاءت حصص الورثة مختلفة، ومن أمثلة هذا الاختلاف أنَّ نصيب الابن ضعف نصيب البنت، قال تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ؛ لأن حاجة الابن إلى المال أكثر من حاجة البنت؛ لكثرة التكاليف المالية عليه، فالرجل هو الذي يدفع المهر في النكاح دون المرأة، وهو المكلَّف بالإنفاق على زوجته وعلى أولاده. فمن العدل أذن أن يكون نصيبه في الميراث ضعف نصيب أخته.