للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: الخراج

٤٣٨- الخراج ما ضُرِبَ على أراضي الكفار المغنومة عنوة، التي تركتب بيد أهلها١، فهي ضريبة مالية على الأراضي المفتوحة التي تركها المسلمون بيد أهلها يزرعونها ويستغلونها. وأوَّل من فعل ذلك الإمام الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه؛ إذ فرض على أرض العراق الخراج وتركها بيد أصحابها، بعد مشاورةٍ منه للصحابة الكرام وموافقتهم على رأيه، والأرض التي تفرض عليها ضريبة الخراج تسمَّى بالأرض الخراجية.

٤٣٩- والخراج نوعان: خراج وظيفة، وهو ما يفرض على الأرض بالنسبة إلى مساحتها ونوع زراعتها، وخراج مقاسمة وهو أنَّ المفروض جزء من الخارج؛ كالخمس والسدس ونحو ذلك، والفرق بين النوعين أنَّ في خراج الوظيفة يكون الواجب شيئًا في الذمَّة يتعلق بالتمكن من الانتفاع بالأرض، ويؤخذ مرة واحدة في السنة، أمَّا في خراج المقاسمة فيكون الواجب متعلقًا بما يخرح من الأرض لا بالتمكين من زراعتها، حتى إذا عطل الأرض صاحبها مع التمكّن من الانتفاع بها لم يجب عليه شيء، كما أنَّ خراج المقاسمة يتكرَّر بتكرر الخارج من الأرض.

٤٤٠- والمنظور إليه عند تقرير الخراج طاقة الأرض حتى لا يكون الخراج مرهقًا لصاحبها، وقد نصَّ الفقهاء على بعض ما يسترشد به لمعرفة مدى طاقة الأرض لمقدار الخراج٢، فمن ذلك: خصوبة الأرض، ونوع ما يزرع فيها، وأثمانه، وطريقة سقيها، وقربها أو بعدها عن المدن والأسواق.

٤٤١- وإذا عجز صاحب الأرض عن استغلال أرضه فقد ذهب الحنفية أنَّ للإمام في هذه الحالة أن يعطيها لغيره مزراعة، أو أن يؤجرها، أو أن يزرعها بمال بيت المال، ويستوفي من جميع ذلك ضريبة الخراج، ويمسك الباقي لصاحب الأرض، وعن أبي يوسف -رحمه الله تعالى: يدفع للعاجز كفايته من بيت المال قرضًا ليعمل ويستغل أرضه، وعند الشافعية والحنابلة: ويؤمر صاحب الأرض بإيجارها أو رفع يده عنها، ولا


١ شرح الأزهار ج١ ص٥٧١.
٢ الماوردي ص١٤٣، ١٤٤، أبو يعلى الحنبلي ص١٥١.

<<  <   >  >>