للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواجب إلّا به فهو واجب، ومن المستحبّ لكل مسلم أن يتعلَّم ما يستطيعه من أمور القتال؛ كالرمي والطعن واستعمال السلاح مبتغيًا بذلك وجه الله تعالى، ويعلمه للآخرين، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذه الأمور فقال -رحمه الله: "وتعلم هذه الصناعات -أي: صناعات الحرب وآلات القتال- هو من الأعمال الصالحة لمن يبتغي بذلك وجه الله -عز وجل، فمن علَّم غيره ذلك كان شريكه في كل جهاد يجاهد به، لا ينقص أحدهما من الأجر شيئًا"، وكان سيدنا عمر -رضي الله عنه- يوصي المسلمين وولاتهم: "أن علِّموا أولادكم الرمي والفروسية"، وفي حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم: ".... ومن تعلَّم الرمي ثم نسيه فليس منَّا".

٤٥٨- والواقع أنَّ الجهاد ضروري لبقاء المسلمين أمة قوية مرهوبة الجانب، بعيدة عن أطماع الطامعين والحاقدين من الكافرين والمنافقين، كما أنَّ الجهاد بنفسه دليل قاطع على إيمان المسلم ومبادرته إلى ما يحبه الله تعالى، وإيثاره مرضاته وما عنده، ولهذا وبَّخ الله تعالى من يتقاعس عن الجهاد، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} ١.

٤٥٩ ولعظيم أثر الجهاد ودلالته على الإيمان، قال الفقهاء: المقام في ثغور المسلمين أفضل من المجاورة في المساجد الثلاث: المسجد الحرام ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسجد الأقصى، وتعليل ذلك أنَّ الرباط من جنس الجهاد، والمجاورة غايتها أن تكون من جنس الحج، وقال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ} ٢، وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم، أنَّه سُئِل عن أيّ الأعمال أفضل؟ قال -صلى الله عليه وسلم: "إيمان بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "ثم جهاد في سبيله"، قيل: ثم ماذا؟ قال: "ثم حج مبرور".

٤٦٠- وترك الجهاد سبب للمذلة والهوان وضياع الديار وتسلط الكفرة على بلاد الإسلام، وهذا من العذاب الذي توعَّد به الله تعالى تارك الجهاد، قال ربنا في


١ سورة التوبة الآية ٣٨.
٢ سورة التوبة، الآية: ١٩.

<<  <   >  >>