للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الاشتراك تسهيل على أهل المجني عليه الظفر بالدية؛ لأن مبلغها كبير، وإمكان أدائها من الجاني ضعيف، في حين أنَّ تحميل العاقلة به سيجعل ما يصيب الواحد منهم مبلغًا يسيرًا يسهل عليه أداؤه، فيسهل على أهل القتيل الظفر به كما قلنا، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تعليلٍ آخر في وجوب الدية على العاقلة، خلاصته: إنَّ عصبة القاتل خطأ كان عليهم أن يراقبوه ويوجهوه لئلَّا يقع في الرعونة والطيش فيقتل غيره خطأ، فإذا لم يفعلوا ذلك كان خطأ منهم وتقصيرًا في واجبهم في مراقبة بعضهم بعضًا فيتحمَّلون جزاء تقصيرهم بتحميلهم الدية مع الجاني.

الخلاصة:

٥٠١- والخلاصة: إنَّ نظام الجزية والعقوبة نظام عادل قام على أسس متينة وإحاطة تامَّة بما يصلح له أمر الناس، وبمراعاة غرائز الناس، مما يؤدي إلى قمع أو تقليل الإجرام فيهم، مع عدالة تامَّة في تقدير العقوبة وجعلها بقدر الجريمة، وفي تطبيق العقوبة على الجميع. وقد رأينا تهافت اعتراضات المعترضين على الحدود والقصاص والديات، أمَّا التعزير فاعتراضهم عليه قليل جدًّا، بل إنَّ نظام التعزير مما انفردت به الشريعة الإسلامية، وهو إحدث ما ينادي في الوقت الحاضر علماء القانون الجنائي. وإذا علمنا أنَّ نطاق العقوبات التعزيرية أوسع بكثير من نطاق الحدود والقصاص، علمنا مدى متانة القانون الجنائي الإسلامي وامتيازه على ما سواه من القوانين الوضعية، ووفائه بحاجات الناس، وقيامه بتوفير الأمن من الاطمئنان لهم، مما يجاريه في ذلك، ولا يقاربه فيه أيّ قانون وضعي، وهذا من بعض دلائل تنزيل شرعة الإسلام من الله -جلّ جلاله.

<<  <   >  >>